Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/12/2009 G Issue 13594
الخميس 30 ذو الحجة 1430   العدد  13594
الطالب محور العملية التعليمية
د. أمل عبدالعزيز الهزاني

 

لا شك أن مسألة التغيير في كل الشؤون العامة تصطدم بعراقيل أهمها قدرة المحيط البيئي على فهمها ثم قبولها والتعاطي معها وتحويلها بالتالي إلى منهج أو عقيدة أو نظام. التصنيفات العالمية التي دخلتها الجامعات السعودية، وآخرها تصنيف شنغهاي العالمي العريق

الذي ضم اسم جامعة الملك سعود، هذه التصنيفات ليست هدفاً بحد ذاتها، بل أحد المعايير التي تنبئ بمستقبل واعد هي ليست كل شيء، ولا حتى مدعاة لأخذ استراحة محارب، بل مرحلة من ضمن المراحل، ومنجز ثمين تم التحصل عليه خلال ماراثون المنافسة العالمية في مجال البحث العلمي.

إن التشكيك في قيمة هذه التصنيفات وعائدها الحقيقي على التعليم العالي لا يجب أن يُغضب أحداً، لأن التغيرات الكبيرة عسيرة الهضم، والأسهل على المرء في هذه الحالة رفضها أو التقليل من قيمتها بدلاً من التعاطي معها، وهنا يأتي دور الإعلام، ودور الوقت، فالإعلام الذي يشهد ويرعى الخطوات التي تسبق الوصول إلى الكعكة الكبيرة، عليه أن يتعامل مع الحديث بشفافية ويبذل جهداً أكبر في تغطية الأحداث الصغيرة والمتوسطة ثم الكبيرة، لئلا يصطدم المجتمع بأحداث الحلقة الأخيرة دون أن يكون لديه رصيد متدرج من الوقائع.

إن التمرحل عنصر مهم في إنجاح التغيير، لأن المفاجآت تثير الأسئلة وتخيف الناس، وليس بالضرورة أن يكون هذا التمرحل بطيئاً أو عمره الزمني طويل، بل تكفي الشفافية والتفصيل منذ بدايته وحتى الوصول للهدف.

قد تكون جامعة الملك سعود سريعة الخطى، ومن ثم الوصول، ولكن من قال إن هذا عيباً، بل إن العيب الحقيقي أننا كنا نملك مثل هذه الطاقات والقدرات ولم نستثمرها حتى وقت قريب، ولم نكن ندرك أهمية أن هناك عالماً آخر يُسابق على المراكز الأول في البحث العلمي والمخرج التعليمي العالي حتى آمنا بقدرتنا على المنافسة، حتى آمنا بأنفسنا.

كل فعالية، كل كرسي بحث، كل برنامج، وكل مشروع، تؤسس له جامعة الملك سعود يشهد انطلاقة ممثلين للصحافة المحلية، والمتابع يلاحظ أنه من القليل أن تخلو الصحف بشكل أسبوعي على الأقل من تغطية لواحد منها، ورغم ذلك، نعرف نحن الأكاديميين ويعرف الإعلاميون أن لفت نظر المجتمع وجذبه للتركيز على ما يحصل من تغيير يحتاج إلى أكثر من ذلك.

المتسائلون عما قدمته الجامعات للطالب، قد لا يعرفون أن مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله العثمان أثناء أحد لقاءاته بطلاب وطالبات جامعة الملك سعود أطلق شعاراً للعام الدراسي الحالي هو (الطالب محور العملية التعليمية)، بدأه من خلال تأسيس برنامج باسم (الشراكة الطلابية)، وهو من أضخم البرامج التي تبنتها الجامعات السعودية في تاريخها فيما يخص الطالب والطالبة، ميزة هذا البرنامج أنه بإدارة كاملة من الطلاب والطالبات، وبدعم مالي سخي من إدارة الجامعة، شمل على الكثير من المبادرات الداعمة للقدرات الطلابية، واستثمار هذه الطاقات للمشاركة في الأبحاث العلمية، والدورات التدريبية المكثفة في تنمية المهارات الفردية والقدرة على التواصل مع المجتمع، واكتشاف الشخصيات الطلابية القيادية، ودعم الابتكارات والإبداع، كما أثمر البرنامج عن عشرات من الأبحاث الطلابية تم تقديمها من طلاب وطالبات جامعة الملك سعود للمشاركة في اللقاء التحضيري للمؤتمر العلمي الأول لطلاب وطالبات التعليم العالي، استعداداً للمشاركة في مؤتمر تقيمه وزارة التعليم العالي على مستوى جامعات المملكة، في ربيع الأول القادم، لدعم قدرات الطالب والطالبة.

ولغير المتابعين، لا بد من أن أعرج على نقطة غاية في الأهمية وهي تأسيس وحدة للحقوق الطلابية في جامعة الملك سعود، ذلك من عام مضى. هذه الوحدة تنظر في ملاحظات الطالب وشكواه فيما يتعلق بعضو هيئة التدريس أو الإدارة أو المرافق الخدمية، حيث صممت لوائحها على إعطاء الطالب حقوق لم تكن قبل ذلك إلا من المحرمات، ولكن تصديقاً لقولي أعلاه فقد مكثنا مدة ليس بالقصيرة وحتى الآن نبث ثقافة الحقوق الطلابية للطلاب والطالبات، لنشعرهم أن الواقع تغير، وأن ما كان محظوراً تم تشريعه وجعله نصاً في النظام.

إن جامعة الملك سعود تسعى اليوم إلى تحقيق الاعتماد الأكاديمي لها كمؤسسة تعليمية، ويعرف المطلعون أن أحد أهم المعايير المطلوبة لتحقيق الاعتماد هو مستوى الطالب العلمي والمهاري، ومدى رضاه، بل إن الطالب الذي تخرج وأصبح في بيته أو في مقر عمله يشكل رقماً مهماً في تحقيق هذا المعيار ناهيك عن الطالب الذي لا يزال داخل أروقة الجامعة.

الحديث يطول حول ما هو موضوع على الطاولة فيما يخص الطلاب والطالبات، ولكن الجدير بالأهمية والذكر، أن معظم التغييرات الأصيلة يستقبلها المجتمع بالتشرب لا الارتشاف، والإعلام خير معين في هذا الجانب، صحيح أننا نعمل جادين بهدف التطوير، ولكننا لا نريد أن نسبق الإعلام فتمسي إنجازاتنا غريبة داخل مجتمعنا، ولا أن يسبقنا الإعلام ونحن ناكصون.

وكيلة كلية العلوم - جامعة الملك سعود - مساعدة المشرف على برنامج الشراكة الطلابية




alhazzani@ksu.edu.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد