Al Jazirah NewsPaper Thursday  17/12/2009 G Issue 13594
الخميس 30 ذو الحجة 1430   العدد  13594
أحذية دولية
علي الخزيم

 

أخذ الحذاء نصيباً جيداً من اهتمام الإنسان قديماً وحديثاً، فعند الإنسان الأول كان لمجرد وقاية القدم من عوارض الطريق وحمايتها من التقشف والجفاف، ثم كان للحذاء دور إضافي يدخل في إطار التأنق والتجمل سواء في ذلك الرجال والنساء وظهرت أحذية للرياضة وللحفلات وغيرها لكل زمان ومناسبة، غير أن الطارئ الجديد في مسألة الحذاء هو استخدامه في عصر التقنية الحديثة كسلاح ويمكن تصنيفه على درجات متفاوتة من القوة القتالية؛ ففي حين يصنف حذاء الزيدي الذي تم تصويبه نحو الرئيس الأمريكي السابق (بوش) من الأسلحة الفتاكة فإن حذاء آخر يوجهه قائد سيارة ثائر الأعصاب إلى آخر ينشد الحكمة ويعمل بالأنظمة يعد سلاحاً تقليدياً، فالحذاء هو الحذاء ولا معيار هنا للسعر والجودة فهذه يمكن قياسها في الأزمنة الماضية حينما كان للوقاية والزينة، أما الآن وقد أخذ تصنيفه كسلاح فالمعيار مختلف ، فإنك لابد أن تعود لمرجعيات نظامية قانونية لتستنير بها في تحديد مقدار فتاكة السلاح ونافذيته وهل هو ثقيل أو خفيف، وهل يعد من أسلحة الدمار الشامل أو المحدود، وهل يمكن إخضاعه لقانون الطرد المركزي الفيزيائي، أو أنه من أسلحة الحروب النفسية الانفعالية أم أنه من المؤثرات العقلية النفسية المزدوجة لتغيير الرأي العام ؟ فهذه الأمور يحددها مستوى القاذف بالحذاء والمقذوف به، فإن كان المقذوف جباراً مدفوعاً بحماقته ويمثل توجهاً متغطرساً كالمذكور آنفاً ؛ فإن الحذاء يعد سلاح دمار شامل وهائل لأنه قذف من مواطن صالح ينتصر لوطنه وأمته ومبادئه بدافع الغيرة على كرامته وشيمته ومروءته وكل ما ينتمي إليه أو ينتسب له، ففي هذه الحالة الحذاء قد صوِّب نحو من يرى نفسه وأتباعه فوق نواميس الكون ومن يسكن الكرة الأرضية، فهم قد قيموا الحالة بقياس مختلف فكيف يجرؤ مواطن في هذا الوطن المحروق أن يرفع حذاء في وجه من يرى أن الحذاء أعز وأكرم عنده من القاذف ومعاملته كأهون مما يستخدم له الحذاء الحقيقي.

ومع توالي استخدام الأحذية على تلك الشاكلة وفي مناسبات متعددة متفاوتة الوزن والثقل المعنوي، بات للأحذية شأن آخر وخاصية متجددة، وأخذ شبان من الجنسين في أنحاء المعمورة بتقليعات غريبة مستمدة من صور تلك الأحداث المستجدة، وظهرت ألعاب الكترونية وغيرها تحاكي تلك الحركات التي تمت في مواقع مختلفة من العالم كان الحذاء فيها حاضرا .. ويبدو أن الحذاء أخذ يعيد البعض هنا وهناك إلى لغة الحوار بالحوافر والأحذية كما تفعل بعض الحيوانات التي لا تملك غير ذلك، وبات بيننا من يغير مبادئه بطريقة تلقائية وسريعة تتكيف مع مجريات الأحداث من حوله وأسهل عليه من تغيير حذائه واستبداله بالآخر، فالأمور عنده تتقاذفها العواطف والمصالح وتنتصر الأخيرة غالباً، وحينما كنا نقرأ في قصص الأولين أن أحدهم كان يقول في مجال الفخر: لا يستطيع احد التغبير على حذائي، بتنا نسمع من يقول مهدداً حينما يغضب من الآخر: أكاد اخلع حذائي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد