كثيرون سيغرقون في جدة، هكذا قيل وربما ستكشف الأيام ما هو اليوم غيب، وممن غرق في نظر الكثير (تجار جدة)، وقد نعاهم من قبل (خالد حمد السليمان) في (عكاظ) بمقال استنكاري رائع (ماذا قدم تجار ووجهاء جدة؟) وكذلك (علي سعد الموسى) في (الوطن) حين كتب مقاله المتميز (أثرياء جدة وكتابها) وطرح الكاتبان سؤالا مهما : ترى أين ذهب تجار جدة حين حلت بإخوانهم الذين يعيشون معهم في مدينة واحدة الكارثة؟، لماذا لم نسمع عن وقفة صادقة يعلنوها مدوية في الآفاق تشعر المتضررين والمكلومين بالجسد الواحد واللحمة الحقيقية والجيرة الفعلية؟، ومع أنه مر على ما كُتب أيام عدة إلا أن الإجابة ما زالت معالمها غائبة، وهذا بصدق تقصير واضح في حق الأخوة الدينية و الوطنية ومجافاة للقيم العربية والأخلاق الإسلامية المعروفة.
نعم الحكومة قوية وذات مبادرات خيرية رائعة ورائدة والأمر الملكي الكريم خير شاهد وأكبر دليل، ولكن المواطنة الحقيقية تفرض- في مثل هذه المحن والأحداث- المشاركة من الجميع، كل حسب قدرته وبناء على ما لديه من ملكات، الكاتب بقلمه، والخطيب بلسانه، والقائد بإدارته، والمواطن العادي بقوته ونشاطه من خلال العمل التطوعي الميداني، والعاجز عن كل ذلك يشارك غيره بالدعاء، أما من منحه الله المال والجاه فالواجب عليه في نظري أن ينفق حسب استطاعته محبة ووفاء، ولكن ما حدث من تجار جدة خاصة كان خلاف ذلك كله!!. لقد كان الأمل فيكم أيها التجار أكبر، والرجاء فيما تنفقون أعظم، كنا نتطلع إلا أن تهزكم المشاهد وتحرككم المآسي التي تمرون عليها صباح مساء، ولكن وللأسف الشديد رجع البصر خاسئاً وهو حسير، إن المواطنة الصالحة ليست كلمات تقال، ولا هي صعود على أكتاف بعضنا بعضا، والمواقف لها سادتها، والأحداث تسفر عن أصحاب الهمم العالية والنفوس التواقة للعطاء، تظهر بجلاء معادن الرجال، وتبرز من هم في الصف الأول حين يكون البلاء، ومن حقي أن أفاخر في هذا المقام بابن الوطن البار الدكتور- ناصر بن إبراهيم الرشيد الذي كما يقول أ- الموسى (قص مبادرة التبرع لضحايا كارثة جدة)، والذي لا يعرف رجل الأعمال د- الرشيد يتوقع أنه قريب من الحدث أو أن له أولادا وأحفادا وأجدادا وإخوانا مر بهم أثر من آثار سيل جدة المشهود، وأن تبرعه جاء نتيجة تعاطف ذاتي- اجتماعي صرف، والذي يعرفه معرفة سطحية يتوقع على الأقل أنه جالس بين أهله في حائل، أوحتى في العاصمة الرياض يرى التلفاز ويستمع إلى حديث الناس في الشبات عن هذه المأساة، تتحرك فيه شهامة العربي، و يدفعه الكرم الحاتمي فيبادر ويسابق من أجل إخوانه الذين هم في سويداء قلبه، والحقيقة هي كما كتب أ - السليمان (ولكنني وجدت وطنيا صادقا من (حائل) يبادر من وراء جدران غربته خلف المحيط الأطلسي إلى التبرع بمليوني ريال، فهل كانت جدة أعز على ناصر الرشيد من أبنائها؟! أم كان الإحساس الإنساني والوطني عند ناصر الرشيد أكثر حضورا حتى وهو على بعد آلاف الأميال عن وطنه؟..)
تحية محب، وشكر من الأعماق لمعالي الدكتور - ناصر بن إبراهيم الرشيد الذي كان وما زال خير سفير لنا نحن الحائليين داخلياً وخارجياً، نفاخر به ونفخر بصنيعه ونقول في كل مناسبة وبكل اعتزاز إنه ابن حائل (الوطني البار بوطنه المملكة العربية السعودية، الوفي لولاة أمره وقيادة بلاده، المحب لكل شبر من أرض الوطن المعطاء، وإلى لقاء والسلام.