في دورة كنت قد درستها بمعهد الإدارة منذ زمن عن العلاقات العامة والإعلام، وفي العام الماضي درستها بعد التحديث بما استجد في المجالين من خبرات ومهارات، في جامعة الأميرة نورة، كان من ضمن محاورها مصداقية الصحفي ناقل الخبر والمتحدث باسم مؤسسته؛ سواء الإعلامية أو العكس، تلك المؤسسة المتعاملة مع الإعلام، وبأن هناك أخلاقيات للمهنة ينبغي ألا يغفلها ممثل الجهتين، وتحديدا الصحفي حين يقوم بصياغة خبره أو حواره أو سبقه الصحفي أو تصريحه، وهي الدقة في النقل، والصدق في عبارات ينقلها عن رأي الشخصيات التي يأخذ عنها، وبأنه كلما كان أمينا ودقيقا وصادقا ولا يزيد أو يتقول أو يحرّف فإنه يمنح صحيفته مصداقية عالية، ويكسبها ثقة المتلقين عنها والمتفاعلين معها، بينما كلما تدخل في النقل بالزيادة أو التحريف أو التقوُّل فإنه يُفقد صحيفته الثقة فيها، ذلك أن الشخصيات، أو جهات التفاعل، إن وجدت ما تنشره صحيفة ما عن لسانها بغير ما قالت، أو تجد تلفيقا على لسانها، فإنها تفقد ثقتها تماماً في مصداقية تلك الصحيفة، ومن ثمَّ في محررها الذي نشر باسمه ما يدخل ضمن المادة الدالة والشاهدة على عدم مصداقية وشفافية الصحيفة، ذلك عندما يحدث أن يكون الصحفي أو الصحفية قد التقيا بالشخص الذي وقع في فخ عدم دقتهما أو عدم صدقهما. فما بال صحيفة تنشر على ألسنة بعض الشخصيات التي لم تلتقها على الإطلاق؟ كم ستفقد من الإيمان برسالتها، وعدم الثقة فيما تنشره؟، ولعل هذا المسلك غير المسؤول يفسد علاقة الصحيفة بالأفراد وبالمؤسسات المختلفة.
إن الأمانة خلق ومكسب، وهي سلوك ونتيجة، وهي دافع نتاج وحصاد، فكم من الصحف تفقد هذا النتاج والحصاد بفعل من لا يتحلَّى بأمانة النقل؟..
تذكرت ذلك الحوار المثري الجميل الذي دار في قاعتي الدورة عند تطبيق مفردات الفكرة، وكم من الآراء جاءت محصلة لما كانت تراه الفئتان: فئة الإعلام وفئة إدارات العلاقات العامة.
تذكرت هذا حين وجدت بعض الصحف المنتشرة التي لم أقابل مندوبة لها، ولم يسألني أحد ما فيها خلال افتتاح مؤتمر الأدباء الأول، ولا تضمنت كلمتي التي ألقيتها ما جاء فيها عن لساني، من عدم تكريم المرأة أو هضم حقها، وحتى إن كان منطلق الخبر إيهاما بحضور من يمثلها، وبحسن نية قام بقراءة ما في الكلمة فإن الشفافية تقتضي أن يكون هناك صدق فيما ينشر، علما بأنني لم أتعرض لا في الكلمة ولا سئلت عن المؤتمر وعدم اهتمامه بالمرأة، أو إشراكه لها في التكريم كما جاءت به تلك الصحيفة.
فلتكن هناك علاقة ثابتة بين الإعلام ومتلقيه فإن على ممثليه الصدق التام والأمانة في النقل.