وسط زحام مشاعر الابتهاج، بعودة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز سالماً إلى أرض الوطن. تطرق - حفظه الله - في أول خطاب له بعد رحلته العلاجية، إلى العديد من القضايا المهمة، مما يدل على متابعته بشكل دقيق للشأن العام، وللتحديات الإقليمية، على الرغم من الظرف الدقيق الذي كان يعيشه. لعل من أبرزها، حديثه عن كارثة سيول جدة، إضافة إلى حديثه عن تسلل عناصر الحوثيين إلى جنوب المملكة.
تألم سمو الأمير سلطان للأحداث المأساوية، التي تعرضت لها محافظة جدة من جراء الأمطار والسيول الجارفة، بكل ما حملت من تداعيات أليمة، تدل على عمق هذه الكارثة، وتؤكد ثوابت الدولة بما يتفق مع مضامين النظام الأساسي للحكم بتحديد كل مقصر، أو متهاون، ومحاسبته خصوصاً بعد صدور الأمر الملكي، بتشكيل لجنة للتحقيق في كارثة جدة، وتقصي الحقائق في أسباب الكارثة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية، أو أي شخص ذي علاقة بها. وهي رسالة واضحة، أكدت وقوف سموه - حفظه الله - مع مواطنيه في السراء والضراء، وتعبير عن إحساسه بمعاناتهم، ومشاركته همومهم وأحزانهم. وأن مصلحة الوطن والمواطن، هما: محل اهتام القيادة في هذا البلد.
من جانب آخر، فإن الاعتداء الآثم من قِبل عصابات التمرد الحوثيين على حدود السعودية. كان حاضراً بقوة في خطاب سمو ولي العهد الأمير سلطان، لأنه يدرك تماماً، أن الموضوع أصبح يمس السيادة الوطنية. وأن اعتداء الحوثيين يمثل تحولاً خطيراً، لنقل الحرب من النطاق المحلي إلى النطاق الإقليمي. وأن هناك أهدافاً سياسية لخدمة قوى إقليمية، تستهدف الأمن القومي للسعودية ودول الخليج واليمن، إضافة إلى الأمن الإقليمي والعالمي. فالأمر لا يحتاج إلى تأخر في اتخاذ القرار السياسي، من أجل استئصال هذا المرض الخبيث. ولذا فإن الكفاءة التي أبداها الجيش السعودي في مواجهة المتمردين الحوثيين على طول الحدود الجنوبية كانت عالية، على الرغم من شراسة القتال منذ ثلاثة أسابيع.
كنا نراهن على أن لا أحد يستطيع أن يسابق الأمير سلطان في إنسانيته. وها نحن نراهن، على أن مضامين الخطاب الذي سمعناه من سموه يؤكد أن القرارات السياسية، تعني صياغة استراتيجية سياسية في اتخاذ المواقف الصحيحة، على صعيدي السياسة الداخلية والخارجية. وهو نتاج كم هائل، لما يتمتع به سموه من خبرة ودراية وجهد، الهدف: منه تحقيق الصالح العام.
د. سعد بن عبدالقادر القويعي
drsasq@gmail.com