Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/12/2009 G Issue 13592
الثلاثاء 28 ذو الحجة 1430   العدد  13592
سياحة تخذُلها الأجنحة
فضل بن سعد البوعينين

 

هل يمكن للسياحة المحلية أن تزدهر دون استكمال البنية التحتية القادرة على استيعاب الخطط الطموحة للهيئة العامة للسياحة والآثار؟ لا أعتقد ذلك!؛ فاستراتيجيات الهيئة الطموحة تحتاج إلى دعم الوزارات، المؤسسات، والإدارات الحكومية المختلفة لضمان تحقيق الأهداف المرسومة بدقة متناهية وفي مواعيدها المحددة. صناعة السياحة ليست ترفاً كما يعتقد بعضهم بل هي جزءٌ من الاقتصاد ومجال رحب للاستثمار، ومصدر مهم من مصادر تنمية الدخل، وتنويعه.

تسعى الهيئة جاهدة لمعالجة معوقات صناعة السياحة الداخلية، ومسابقة الزمن لخلق نوعٍ من التنسيق والتكامل بينها وبين المؤسسات الحكومية الأخرى لمصلحة الوطن. إلا أن معوقات السياحة ما زالت تشكل تحدياً أمام تحقيق الأهداف الطموحة، على الأقل من وجهة نظر السائحين البسطاء. هناك عوائق تنظيمية، قانونية، اجتماعية، رقابية، تمويلية، بالإضافة إلى عوائق أخرى تحد من سرعة انطلاقة الهيئة نحو تطوير صناعة السياحة الداخلية والانتقال بها إلى مستوى متقدم من الاحترافية. عندما تجتهد هيئة السياحة في تجهيز المواقع الأثرية للزوار، وتنفق عليها أموالا طائلة، ثم تصطدم بصعوبة وصول السائحين إليها لندرة الرحلات الجوية، أو عدم وجود حجوزات سانحة للمسافرين، أو بسبب إهمال الخطوط السعودية في التعامل مع عملائها السائحين، فذاك يضر بالسياحة، وخطط التطوير، ويؤثر سلباً في جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار.

ربما كانت الخطوط السعودية جزءاً من المعوقات المؤثرة في خطط السياحة الداخلية بسبب محدودية رحلاتها بين مطارات المملكة، وتدني مستوى الكفاءة، وعدم قدرتها على توفير الدعم اللائق للمجموعات السياحية التي تعتمد عليها خطط السياحة الحديثة.

البرامج السياحية تحتاج إلى انضباطية مواعيد السفر بعيداً عن التأجيل والتسويف والإهمال القاتل. رحلات الخطوط السعودية المتاحة غير قادرة على تحقيق رغبات المسافرين، وتوفير الانضباطية في مواعيد الإقلاع، والتعامل بكفاءة مع مجموعات المسافرين بما فيهم المجموعات السياحية.

العام الماضي كتبت عن تأخر رحلات الحج، وسوء خدمات بعض المطارات الداخلية، وطالبت المسؤولين بفتح المجال أمام الشركات العالمية لتسيير رحلات داخلية لسد العجز، أو أن تلتزم الخطوط السعودية بتوفير طائرات كافية لمواجهة الطلب المتنامي على خدمات السفر. تأخر مواعيد الإقلاع بات أمراً طبيعياً لدى الخطوط السعودية وموظفيها!، وهو ما يتسبب في الغالب بإشكالات حادة مع المسافرين الذين يشعرون بالمهانة لتجاهل الخطوط السعودية حقوقهم المشروعة، والإيفاء بالتزاماتها النظامية.

كان من المفترض أن تُقلع رحلة السعودية رقم 1451 المتوجهة من الدمام إلى المدينة المنورة، الساعة السادسة والنصف مساء السبت الماضي. ولأسباب غير منطقية غادرت الرحلة الدمام الساعة الخامسة من صباح الأحد!. الغريب أن موظفي الخطوط السعودية تجاهلوا أمر التأخير، وأهملوا المسافرين دون تنويه أو اعتذار. لم يستطع المسافرون، على الرغم من استفساراتهم المتكررة الحصول على موعد الإقلاع البديل ما جعلهم يقضون أكثر من 10 ساعات في حالة انتظار وترقب.

يشتكي المسافرون من عدم انضباطية مواعيد إقلاع رحلات الخطوط السعودية، وندرة رحلاتها المجدولة، وصعوبة إيجاد حجز مؤكد عليها، إضافة إلى تدني خدمات المطارات الداخلية والدولية، وعلى رأسها مطار الملك خالد في الرياض!.

إدارة الخطوط السعودية مطالبة بإعادة تقييم خدماتها المقدمة للمسافرين، وأداء موظفيها، ووضع الحلول الناجعة لضمان تحقيق انضباطية المواعيد، توفير الرحلات الكافية لجميع مطارات المملكة، ورفع كفاءة العاملين لديها. استهتار موظفي السعودية في التعامل مع المسافرين، وتهاونهم في تطبيق معايير الخدمة المقبولة يقود إلى خلق الكثير من المشكلات التي يندر مشاهدتها في مطارات الدول الأخرى.

أعتقدُ أن العمل المميز الذي تقوم به هيئة السياحة والآثار في حاجة إلى دعم القطاعات المساندة الأخرى التي لا يمكن تحقيق النجاح دونها، وفي مقدمها الخطوط السعودية، والهيئة العامة للطيران المدني؛ جناحا السياحة الداخلية..

هيئة السياحة وإيواء المتضررين

قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار مشكورة بتشكيل لجنة لإيواء متضرري سيول جدة تحت إشراف الدفاع المدني، وتوفير قاعدة معلومات متكاملة عن الوحدات والشقق المفروشة المتاحة، وتوجيه المتضررين لها وفق تنظيم خاص. بعض التقارير الصحفية ذكرت أن الهيئة (نجحت بإسكان أكثر من 22 ألف مواطن ومقيم من المتضررين في الأحياء المنكوبة بجدة من جراء السيول، في أكثر من 800 وحدة سكنية مفروشة). بارك الله في جهود الاخوة في الهيئة، وأجزل لهم المثوبة والعطاء. ولا عزاء للمتقاعسين عن إغاثة المتضررين!!.

* * *

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد