أحسنت اللجنة المكلفة بمتابعة تقصي حقائق كارثة جدة بأن سارعت لوضع موقع إلكتروني ينقل أخبارها ويستقبل بلاغات وشكوى الناس، أثق من تجربة إلكترونية طويلة أن موقع اللجنة سيتلقى الكثير والكثير من الرسائل والشكاوى، منها ما هو قائم على الظن أو الاجتهاد المتواضع أو النية الطيبة أو البلاغات الكيدية عن مواقع أو أشخاص، وأعانها الله -على الفرز والتقصي لهذا الكم المعلوماتي المتوقع الذي سيخلط الإشاعة بالحقيقة بالتسريبات الخبيثة، وبعضهم القليل المهم والنافع، إلا أنه لا يتوقع أن يكون تلقي البلاغات إلكترونياً هو الهدف من الموقع وحسب، لكنه التفاعل المطلوب لتحديث المعلومات وتلقي الاقتراحات والأفكار والإشارات والبلاغات عن الأخطار والأضرار التي تسببت فيها الكارثة، كما سيكون وسيلة للوصول إلى معلومات موثقة، أو الوصول إلى وثيقة (ما) ظلت حبيسة لدى موظف صغير يعمل موظفاً في الأرشيف الصادر والوارد-مثلاً.
لكن الأكيد أن اللجنة فتحت في الحقيقة منفذاً إلكترونياً مهماً للتواصل مع كل من له علاقة مباشرة أو غيرها بالكارثة، فهي تسعى حسب ما يبدو إلى تحديث أخبارها هناك دورياً، ولن أكون مبالغاً إن قلت إن انتشار موقع اللجنة على الإنترنت خلال الأيام الفائتة، لابد أن يجعله يسجل رقماً قياسياً في الزيارات الأولية، حركة اللجنة أو مبادرتها غير التقليدية مهمة لناحية فهم الجهات الحكومية والمؤسسات والهيئات لدور الإنترنت التفاعلي، وهي نقطة جديرة بالاهتمام والملاحظة والإشادة.
من هنا جديرٌ أن نرى كيف تجاوز تأثير التقنية ووسائل الاتصالات على أسلوبنا في العمل، إلى تغير تفكيرنا وتعاطينا مع الأشياء من حولنا، لو أن ما حدث في جدة مثلاً - ظل ينقل عبر عين الإعلام الرسمي فإن الصورة والموقف وردود الأفعال كما النتائج حتماً لن تكون هي ذاتها، طبعاً تأثير الانفتاح التقني المفترض أنه إيجابي في الغالب كما يحدث هنا، لكيفية قدرة وسائل الاتصال على إتاحة تدفق حر للمعلومات لمواجهة الفساد، وهو ما يظهر في مجموعات إلكترونية خرجت مؤخراً وتخصصت في مقاومة الفساد فكراً وسلوكاً وممارسةً، لكنه أيضاً في الوقت ذاته أحياناً قد يكون تأثيراً سلبياً يبقي بصدماته على أفكار مشوشة لا تقدر على شيء، سوى المراقبة العاجزة للقادم الجديد أو بالتالي، وهذا تشويش يقود إلى الخوف والريبة من كل شيء.
للنظر إلى أشكال واستخدامات التقنية وثورة المعلوماتية من حولنا، سنرى أحياناً أنها لم تقد إلى التغير الحقيقي الذي توقعناه أو نأمله، لأنه لا يمكن للوسائل إلا أن تكون انعكاساً لواقع الشخص، الجماعة أو المؤسسة، لكن المراهنة تتغير حين تصبح هذه الأدوات خارج السيطرة تقريباً، أو عند الحد الأدنى من الرقابة.
موقع اللجنة:
http://www.jed-investigation.org.sa
إلى لقاء..