حرف يتكرر ثلاثا www؛ فيفتح لنا مغاليق الكون، ورقم يظلنا؛ فيمثل انتماءنا، وفأرة (لم يهدر دمها) تتحرك بنا بين المجاهل، ولوحة تكتبنا، وشاشة ترصدنا، وأجهزة تحاصرنا بل تخاصرنا؛ لنصبح - بامتياز وجدارة - الناس (الديجتال).
أجيال مضت إلى ربها؛ عرفت العالم بنقل وعقل؛ فلم ترتهن لتقاطعات شبكية، وتسامعوا فنشروا، وتسامروا فتحاوروا، وحللوا فدللوا وعللوا، ثم مضوا مطمئنين إلى غد مستنسخ بلا حلم؛ لا تزوبعه إذاعات وإشاعات.
رتابة دون كآبة، وحياة تسير نحو المصير، وماذا بأيديهم إن أمطرت غير دعاء؟ ومالهم إن احتربت غير أصداء؛ فلن تصعد الأرض ولن تهبط السماء.
الحياة في يقينهم ثبات لا وثبات؛ فالأرض لا تدور، والفضاء نجمة وغيمة؛ لا تؤرقهم أقمار التجسس والتلصص؛ فيكفيهم قمر ودعه (ابن زريق) فعاتبوه، وغازله (ابن سبيل) فعشقوه، ومرضوا وتشردوا، وقسوا وأسوا، ورحلوا فاحتسبوا ولم يحاسبوا.
كانوا فلم نكن، وصرنا فلم يكونوا؛ فلا أحد يعيش بالنيابة عن أحد، وبقي من أغراه التنكيس ولم تكفه النكسات؛ فظن (الثانية عشرة) مغرب الشمس ورابعة النهار، وأن المال والأهلين ودائع؛ لا لله، بل لعباد الله، وتوهموا الحقيقة ما خبروا، والصحيح ما قرروا، والناس جاهلة إلا إذا أذنوا.
في زمن الإنسان الديجتال تماهت المسافات؛ فلم تخف معلومة وإن كتمت، ولم تغلق مفاتيح وإن كممت، وليس هذا بذي شأن؛ فقد تمنينا لو لم نعرف ما لم يكونوا يعرفون.
حاصرنا الرقم فأحالنا إلى آلات حاسبة، وطوقتنا المعلومة (بوثائقها وحقائقها) فأصبحنا أجهزة تسجيل آلي؛ نهرف ونذرف، ونداري ونتوارى، وماذا لو اقتنعنا بجهلنا وتجهيلنا؟ أو لم يصدق كبيرنا المتنبي؛ فذو العقل يشقى، وأخو الجهالة يشفى..؟
ليتنا هم؛ فأي متعة في عثار ودوار، وأي رؤية تتخلق كل دقيقة فلا نستقر على حقيقة، وأي جدوى حين نرى المسرح ويغيب الممثلون؟
الرقم صعب الفهم.
Ibrturkia@gmail.com