حينما تململت المجتمعات الأوروبية المسيحية في العصور الوسطى للقيام بالنهضة الصناعية التي يجني العالم ثمارها اليوم، أحست الكنائس أن أرضها تهتز تحت أقدام الرهبان والقساوسة والكرادلة بفعل هذا الزلزال المدوي الذي سيغير الكثير من معالم الفكر الإنساني على كافة الأصعدة في عالم يسوده التحجر والثبات، لذلك تشبث المجتمع الكنسي بكل ما أوتي من حيلة بالمكاسب الدنيوية التي توفرها له الكنيسة وإمعاناً في الاستحواذ أخذ القساوسة يصدرون صكوكاً من لدنهم -يدعون جزافا- أنها تدخل حاملها الجنة والعياذ بالله وذلك ما عرف لاحقاً ب(صكوك الغفران)، ومن هنا اعتقد الكهنة أنهم سيضمنون الولاء المطلق من قبل معتنقي الديانة المسيحية إلا أن الفكر الاستشرافي للمستقبل البهيج أبطل هذه الخزعبلات الكنسية التي لم يصدقها سوى الجهلة والأغبياء، لذلك انطلقت النهضة وألقت بالكهنة وصكوكهم إلى قتامة النسيان. بالطبع كان ذلك في الغرب، أما في الشرق وخصوصاً في بلاد فارس فقد فعل الحشاشون ما يشبه ذلك بقيادة (مفكرهم) حسن الصباح، حينما اكتشف (مخدر القنب) وكان يقدمه للأشياع ثم يدخلهم إلى قلعة (آلوموت) المفضية إلى واد خصيب فيه الأزهار والثمار والحسان من النساء، ثم يقنعهم بأن ذلك الوادي هو (الجنة!!) لذلك كان الأتباع ينفذون أوامره الانتحارية لضمان العودة للجنة الموهومة تلك.
وما يشبه صكوك الغفران أيضاً وحركة الحشاشين كان بعض (ملالي) قم يمنحون انتحاريي تصدير الثورة مفاتيح يعلقونها في رقابهم وكانت تسمى تلك المفاتيح (مفاتيح الجنة) وذلك لتحفيز مقاتليهم لاقتحام الموت من أجل ضمان الجنة!!
واليوم يا سبحان الله يتكرر نفس الجهل والغباء والمروق مع ما يسمون المتسللين الخارجين إلى حدودنا الجنوبية. إذ ألقت السلطات الأمنية على أكثر من مقاتل متسلل يحمل على كتفه (وشم الجنة) مما يطرح سؤالاً حزيناً: في هذا العصر عصر الوعي.. إلى متى يضحك الإنسان على الإنسان بالغيبيات وباسم الدين والدين من الكل براء (!!).