كل الذي يحيط بنا من هبات الله في كونه هذا الجمال الفارش أجنحته، الحاضن مساحات الرؤية في محيط العيون، المحتوي ذرات النبض في الوجدان، يا نوَّارة، هي هذه الغيوم التي تزخ علينا ما يطهر نفوسنا من دكن الحياة من حولنا، ما يخفف أورام الآلام التي يزرعها في أعصابنا المستهترون بقيم العمل والبذل والصدق والوفاء لأدوارهم، السالبون لغفوة هنيئة في البيوت الآمنة، للواثقين بأنهم يقيمون أبنيتهم على دعائم فإذا ما هزتها ريح أمطار, أو بذلت لها السحب فائض عطاء، استيقظوا وقد نقضت دورهم عليهم، وطفحت أجساد أرواحهم على مائها.., للراكضين حتى يبلغوا فإذا هم يصلون وقد طارت أمانيهم وغدت هباءً ثقتُهم، ولوَّح الموت بآلاته الحدباء، وأفواه المقابر لهم..
هذا الجو الشفيف الذي يعمر ما حولنا نوَّارة، هو رسالة بليغة من الرب، لنعيد النظر طويلا في أنفسنا، لنوائم بين ما أعطاه لنا وما تتفاعل له صدورنا، وتبسم له شفاهنا، وبين ما يعطينا الإنسان منا..
كيف يقوى الإنسان على أن يفرِّغ داخله من هذا الجمال لينقضَّ ذات لحظات بكل عوراته على مكامن الجمال في الآخر..؟ تلك المعضلة التي تخدش يا نوارة كثيرا في نسيج هذا الإحساس الذي يعتريني وقد أشرعت نوافذ بيتي ليأتي المطر..؟
تبقى أصداء فرحتك به يدا رحيمة تمسح الدكن وتربِّت ببذور خفية من الفرح, علَّنا نستقبل المطر بما يليق بجمال عطاء الرب..