الجزيرة - عبدالعزيز العنقري:
كشف تقرير حديث للأمم المتحدة أن المنطقة العربية ستكون من أكثر المناطق في العالم تعرضاً للتأثيرات المحتملة للتغير المناخي، الأمر الذي سيؤثر بقوة في إنتاج الغذاء نتيجة زيادة التصحر والجفاف وتآكل الشواطئ في بعض البلدان العربية بحكم أن غالبية النشاط الاقتصادي والزراعي والسكاني يقع في المناطق الساحلية.
ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي برأت فيه وكالة الطاقة الدولية ساحة الدول العربية من تأثيراتها في البيئة وأعطتها شهادة براءة عبر تقرير لها حول أكثر الدول تلويثاً للبيئة في العالم وتجري حاليا في كوبنهاجن مباحثات مهمة حول ملف المناخ ومستقبل تأثيراتها في الكرة الأرضية وهو أكبر تجمع للمناخ يشهده العالم بمشاركة 192 دولة وبحضور 110 من قادة العالم بهدف الاتفاق على معاهدة مناخية تحمي كوكب الأرض من الأضرار التي يتعرض لها من جراء ارتفاع مستوى مياه البحار وذوبان الثلوج والتصحر وتلوث الهواء، بسبب انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وبما أن المنطقة العربية مهددة بهذه التداعيات، فالواقع يحتم عليها التنبه من خلال العمل عبر قمة كوبنهاجن للوصول إلى اتفاق يحفظ مصالح الجميع حتى لا يصبحوا أكبر المتضررين من التلوث وأكثر الخاسرين في معالجته وبيّن تقرير الأمم المتحدة أثر التغير المناخي العالمي في دول عربية بعينها، فذكر أن ارتفاع سطح البحر نتيجة التلوث العالمي سيهدد بصورة ملحوظة المدن الساحلية في مصر ولبنان وسيخفض نسبة المياه المتجددة في سوريا بنسبة 50% وسيؤدي لتهجير ستة ملايين نسمة في الجزء السفلي من مصر من جراء اكتساح الفيضانات، إضافة إلى تقلص مساحة الأراضي القابلة للزراعة ونقص الموارد الزراعية الخام وتفشي البطالة في الأرياف وهبوط مستويات الصحة العامة وتزايد التوتر في المجتمعات الزراعية نتيجة التنافس على موارد المياه، إضافة إلى تأزم الخلافات بين الدول التي تتشارك في الأنهار وفي ظل هذه الصورة القاتمة صار لزاماً على العرب المشاركين في قمة كوبنهاجن أن تخرج القمة باتفاقية تلزم دول العالم بمكافحة الاحتباس الحراري، فبعض الدول الغربية تدعو دائماً إلى التقليل من استهلاك النفط بحجة ما يخلفه من انبعاثات الكربون الضارة بالوقت الذي أكدت فيه منظمة أوبك أكثر من مرة التزامها بالحد من الانبعاثات الضارة، إضافة إلى أن الدراسات أجمعت على أن الفحم الحجري الذي يستخدم بكثرة في الدول الغربية والصين والهند يولد تلوثاً للبيئة يفوق بأضعاف ما يولده استخدام البترول كما أن تخفيض استهلاك البترول عالمياً لتخفيف تغير المناخ سيضر باقتصاديات الدول العربية، فقد بينت دراسة مستقلة أعدتها مؤسسة تشارلز ريفرز الاستشارية أن تخفيض استهلاك البترول سيؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في السعودية ودول الخليج الأخرى بنسبة (5 إلى 20)% ما سينعكس سلباً على خطط التنمية الطموحة التي تنتهجها هذه الدول.