ما كان يتخوّف منه نظام ولاية الفقيه في طهران من إحياء ذكرى يوم الطلبة، هو أن تظهر التظاهرات التي سيقيمها الطلبة في الجامعات وحولها في الساحات المدى المعادي للنظام، فعلى الرغم من أن النظام يستغل وباحتراف المناسبات التي يقول عنها مناسبات وطنية، أو التجمعات الدينية فينظّم المواكب ومسيرات اللطم والتطبير، إلا أن نظام طهران وبعد أن أخذت جماهير الشعوب الإيرانية تبتعد عنه وتستغل أي مناسبة أو أي تجمع لإعلان رفضها ومعاداتها لهذا النظام ونهجه في الحكم، فإن النظام استعد لذكرى يوم الطلبة واعتبر نفسه كأنه يخوض حرباً.. وقد اعتبرها النظام حرباً مصيرية، فأعلن حالة الطوارئ بين أجهزته الأمنية وبخاصة الشرطة وقوات الباسيج والحرس الثوري، وحدد ثلاثة أيام لحالة الطوارئ، يوماً يسبق المناسبة ويوم المناسبة ويوماً بعد المناسبة، وفعلاً أدت الأجهزة الأمنية واجبها حسب ما يريده نظام ولاية الفقيه، بل أكثر، فرئيس شرطة طهران هدَّد باستعمال أقسى درجات الشدة والقمع ضد الطلبة الذين أظهروا شجاعة وصموداً صلباً، فقد تظاهر الطلبة في أكثر من 800 جامعة وكلية ومعهد، إضافة إلى الساحات الكبيرة في طهران وشيراز والأحواز، وما كان يتخوّف منه النظام وأركانه حصل في إحدى مظاهرات جامعة طهران حينما أقدم المتظاهرون على تمزيق صور مرشد الثورة، ولي الفقيه الحالي علي خامنئي، ثم أتبعوه بولي الفقيه السابق خميني الذي يتعامل معه أركان النظام تعاملاً قدسياً يتجاوز التعامل مع الزعماء الدينيين والسياسيين الإيرانيين الآخرين، ولذلك فإن التجرؤ على تمزيق صور الخميني بعد تشويهها يعد عملاً خطيراً جداً بالنسبة لحكام طهران، ومؤشراً خطيراً يعطي علامات تؤكّد أن الشعوب الإيرانية بدأت تتخلّص من هالات القدسية التي أسبغها نظام طهران على رموزه، واعتبروا مجرد الاقتراب منها ومسها نوعاً من الكفر..!!
وهذا التطور يعرف مَن يمسكون بزمام الأمور في إيران أنه بداية الانعتاق من حكم الملالي في إيران، فقد بدأ التمرد على شاه إيران بعد إسقاط هيبته.. والآن يتكرّر الوضع في إيران بإسقاط القدسية عن رموز النظام وتحطيم هيبة من أرادوا أن يجعلوهم فوق البشر من خلال تقديس اسمه وصوره.
jaser@al-jazirah.com.sa