عمان - الجزيرة - الثقافية - خاص - عبدالله القاق:
يعد سميح القاسم واحداً من أبرز شعراء فلسطين، وقد ولد لعائلة درزية فلسطينية في مدينة الزرقاء الأردنية عام 1939، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي.
سجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية.
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته الحالية إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية
يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
هذا وقد عاد إلى عمان الشاعر الكبير سميح القاسم بعد أن شارك في الاحتفال الكبير الذى أقامه السيد عبدالعزيز سعود البابطين رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري في القاهرة لمناسبة مرور عشرين عاما على إنشاء هذه المؤسسة الثقافية.
ووصف السيد القاسم الاحتفال بأنه كان داعما للثقافة العربية وأنه يدعو للإعجاب لما لهذه المؤسسة من دور ثقافي عبر العقدين الماضيين تزخران بالأعمال الثقافية الجليلة والتي ازدانت صفحاتها وأعمالها بالآثار القيمة التي تدل على حيوية المؤسسة التي أسهمت بجلاء في حياتنا الثقافية المعاصرة.
وسألت - الجزيرة - الشاعر الكبير عن الراحل الكبير محمود درويش؟
فقال: لقد خسرنا علما من أعلام الشعر والمعرفة الذي عرف العالم أشعاره وترجمها فهو وإن غاب عنا فهو في وجداننا يا أخي عبدالله وفي قلوبنا وقال - عندما كنا نتحاور ويشتد اختلافنا في الرأي أقول له - لا تنسى يامحمود انني اكبر منك بعامين. لكنه يضيف لقد خسرت أمتنا العربية هذا الشاعر الكبير الذي منح أرفع الجوائز من الزعماء العرب والأجانب لما له من دور كبير على الساحتين العربية والدولية لخدمة القضية الفلسطينية والأمة العربية جمعاء.
وأشاد الشاعر القاسم بالشيخ رائد صلاح في الدفاع عن المقدسات وقال - إن الشيخ رائد هو من الرجال الذين نقدرهم ونحترمهم لمواقفهم المدافعة عن القدس والمقدسات والمسجد الأقصى وهو يلقى التقدير والدعم من العرب والمسلمين لجهوده الكبيرة في الدفاع عن الوطن والأمة.
وعندما سألته هل ما زلتم ستحيون الاحتفالات بذكرى النكبة بالرغم من منع إسرائيل ذلك أجاب الشاعر القاسم: هذه قضيتنا القومية والوطنية ولن نتردد في إحياء هذه المناسبات الوطنية والقومية وخاصة ذكرى النكبة الأليمة على نفوسنا جميعا.
وحول ما تواجهه أشعاره الوطنية من تدخلات إسرائيلية أو احتجاجات من المحتلين على على هذه القصائد؟
أجاب الشاعرالفلسطيني الكبير:
لا شك في أن الكلمة نقولها بكل صراحة وجرأة (ضد كل ما يستهدف عروبتنا وفلسطيننا. فقد حبانا الله بلغة ثرية، وشعرنا العربي ثري ومتنوع. فالعمود الشعري والوزن والقافية، من أجنحة الحرية التي نعبر بها عما في أعماقنا. وهي كنوع من الموسيقى، تمثل ثروة لم تتوافر لشعب سوانا. لذا عندما حضرت إلى القاهرة للاحتفاء بأمير الشعراء أحمد شوقي، خاطبته في القصيدة التي كتبتها بهذه اللغة. حيث كان سيغضب مني شوقي لو خاطبته بلغة مختلفة عن ذلك).
دور الجزيرة الوطني:
وحول رؤيته لصحيفة- الجزيرة - وتطورها ودورها في خدمة القضايا الوطنية:
أجاب أن ل(الجزيرة) التي سبق لي أن نشرت قصائد فيها مواقف مميزة بل وتعتبر من الصحف الوطنية والرائدة في توجهاتها ومساهمتها في الدفاع عن القضايا الفلسطينية والعربية وشؤون الأمة لما تواجهه من تحديات كبيرة في هذه المرحلة وأنا أقدر المسؤولين عليها لدورهم الريادي في النهوض وتطور هذه الصحيفة في متابعة الأحداث الراهنة والمستجدة وتحليلاتها المتميزة.
ويقول الشاعر القاسم وفي ضوء التطورات الراهنة فإن قصائدي تتطور مع تطور الحياة، ولا أجد تناقضا في ذلك. فالجمع بين فخامة الثقافة الكلاسيكية، وحيوية الثقافة الحالية أمر جيد، خاصة أن الثقافة الحالية مع الزمن ستتحول بطبيعتها إلى كلاسيكية، والدنيا على هذا الحال. أنا بطبعي ملول، وهذا ينعكس على تجربتي. لا أحب التكرار، أحب المغامرة الفنية وأمارسها على مزاجي وبكامل حريتي، وأحترم حس الآخرين بالمغامرة الفنية.
وما مدى تعاملك مع الشعراء والمثقفين ودورهم في تلقي الشعر؟
يقول الشاعر القاسم: (في الواقع أن لجمهور الشعر مستوى ثقافيا معينا، والشاعر يتعامل مع هذا المستوى. ولو كان الشاعر يكتب لنخبة من النقاد ومحترفي الشعر لا نسلخ تلقائيا عن الجمهور الذي هو جزء منه ويعيش معركته. فالشاعر لا يكتب لجمهور بعينه، والحس الجماهيري جزء من تكوين الشاعر النفسي والفكري والسياسي. فالشاعر يعبر عن نفسه بشكل مباشر لأن الجماهير جزء منه).
لكن في ضوء التطورات الراهنة في الأراضي الفلسطينية فكيف بعد هذه السنوات كيف ترى القضية الفلسطينية، ودور الشعراء؟
- القضية الأساسية هي الشعب ومأساته. أما إذا بدأ الشاعر الفلسطيني يفكر من الآن، ماذا سيبقى منه بعد الثورة ونجاحها وعودة الشعب الفلسطيني، فأعتقد أنه يسقط في مأساة. بالنسبة لي كشاعر فلسطيني، أرى أن قصيدة (الانتفاضة) كانت أول عمل شعري متكامل كتب في قلب الانتفاضة، وبدأت إيقاعاته على إيقاع قنابل الغاز والرصاص المطاطي والشظايا التي كانت تتطاير من حولي في القدس. لقد بدأت القصيدة هناك، وأخذت إيقاع الشارع والمظاهرات ورائحة الغاز المسيل للدموع الذي دخل رئتي، كأنما كل هذه الأمور كتبت نفسها في هذه القصيدة. فهي من نوع الشعر الذي نطلق عليه تسمية السهل الممتنع، بحيث يعتقد كل قارئ أنه يستطيع أن يكتبها. ولكن اكتشفت، أنا شخصيا، أنني لا أستطيع أن أكتبها مرة أخرى، ولا أستطيع أن أكتب مثلها. فهي قصيدة لم تكن من خارج الانتفاضة، بل كانت من داخلها وكانت إيقاعها ولحمها ودمها، وفي كل أمسية شعرية أطالب بقراءتها، وأحيانا أشعر بضيق، ورغم رغبتي في أن أقرأ شيئا جديدا مختلفا، يصر الجمهور عليها. وأحيانا أدعي أنها ليست معي لأتهرب.