حديث الأحرف هنا بخاصة حول المكتبات التجارية، وليس المكتبات العامة التي حقاً نفخر بها؛ فهي تظل شامخة بثروتها المخزونة ودررها المكنونة؛ ذلك لأن المكتبات التجارية في عدة مواقع وفي كل المناطق نجدها دوما مفتوحة الأبواب للزائرين الراغبين في الاطلاع على الجديد، والمشترين الراغبين في الاقتناء؛ فكانت الأكثر ارتيادا والأكثر تطلعا لما لديها من جاذبية العرض ووفرة الطلب لمختلف الأعمار، والأهم أنها مشرعة الأبواب بلا خجل..
احتلت الصدارة وقفزت قفزات ثقافية مبهرة حينما أدركت كيف تحتوي مرتاديها، وإن كان الحافز المحرك لها المال، لكن يظهر جليا لمن يرتادها مرارا أن هدفها ليس فقط توفير ما يقع في دائرة اهتمام القارئ وذاكرته؛ بل بتعريفهم وتحفيزهم أيضا للاطلاع على ما قد يهمهم ويثري عقولهم.
نعم، إن التسويق ذكاء أبجدي تتعدد وسائله وتختلف حوافزه، وعلى من يريد إيصال أمر ما أيا كان أن ينتهجه كبند خالص من بنود عمله، وخيرا فعلت المكتبات من فترة لأخرى لكي يطلع القارئ القديم على الجديد؛ فيعود من هجرته في مشاغل الحياة إلى القراءة التي حتما سوف تعينه، أو لترشد آخر لأن يجرب الشرب من نبع القراءة، أو لإخبار آخرين يتسابقون في اقتناء كتاب ما كم انتظروا طبعته الثانية لكي يأتوا للمكتبة جماعة..
فيما مضى كانت مجتمعاتنا الصغيرة من الغريب أن يصل لها إعلان دعائي يحتوي على إصدارات كتب قيمة، أما الآن فقد استُجدت من الوسائل التي لا عجب أن نسمع قول صاحب إحدى المكتبات يقول إنها ساهمت في فتح فروعهم الأخرى.. كما ساهمت الأجهزة الإلكترونية في فتح فروع أخرى بشكل متواز. بهذا الكلام نحن رفاق الأمل لأمة اقرأ؛ فهناك قُرّاء كثر، لكن من فترة لأخرى نتساءل عن ضجيج المكتبات التجارية في أي المواسم نجده يعلو حقا؟
إن الضجيج لأجل الكتب فقط هو لحن يطرب الكل؛ فكم انجذبنا وشدونا على اختلاف هواياتنا وتوجهاتنا وأعمارنا مع لحن معارض الكتاب، وكم سيبهجنا ألا يتم حصر الحديث بصوت مسموع عن الكتاب للجميع وتكريمه في موسم واحد لدى الأغلى بنفائس مكتباتنا العامة، ويكون فقط لبعثرة الغبار ومحوه بمنشفة التخفيض وإيقاظ السبات في المكتبات التجارية!
بوح العظماء
إن المكتبة ليست من كماليات الحياة بل من لوازمها.