من جديد يصبح العسكريون في باكستان ومقرات سكناهم وحتى المساجد التي يرتادونها هدفاً للإرهابيين الذين استطاعوا تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية النوعية ضد المؤسسة العسكرية الباكستانية التي تواجه محاولات الإرهابيين توسيع مسرح عملياتهم وأعمالهم من خلال ضم باكستان إلى إفغانستان، ومما ساعد الإرهابيين في تحقيق أهدافهم إلى حدٍ بعيد هو النسيج القبلي الواحد الذي يجمع الأفغان والباكستانيين على الحدود الجامعة للبلدين؛ فكل المواطنين المقيمين على الحدود من قبائل الباشتون، ولهذا فقد مدت طالبان قواعدها وتواجدت في المناطق القبلية الحدودية وخاصة في وزيرستان الشمالية وأوراكزي وموهماند، وهذا ما أدى إلى انتشار النزعة القتالية المعادية للسلطة إلى باقي مناطق باكستان، وامتدت إلى منطقة البنجاب التي تشهد نمواً في أعداد المتشددين، والخطورة بالنسبة لباكستان أن أغلب منتسبي القوات المسلحة الباكستانية هم من البنجاب، واختراق طالبان لهذه المقاطعة يهدد البنية الأساسية للجيش.
نمو تنظيمات طالبان الإرهابية وامتدادها داخل باكستان إلى المقاطعات المهمة، يشكل تطوراً سلبياً ليس فقط بالنسبة لأمن باكستان وأفغانستان، بل ولأمن شبه القارة الهندية، ولاحظ المهتمون بهذا الملف أن الأزمة الأمنية التي تعاني منها أفغانستان والتي تواجهها باكستان حالياً هي تحدٍ حقيقي للدولتين وللولايات المتحدة الامريكية وللحلف الأطلسي جميعاً، فحركة طالبان التي هي في الأصل أفغانية والتي أطيح بها من السلطة، واعتقد من أزاحوها أنها اجتثت من أفغانستان بنهاية عام 2001 لم تحتج سوى لبضع سنوات لتتمكن من احياء نفسها، ويرجع ذلك إلى فشل وتقاعس الحكومة الأفغانية وعجز القوات الدولية في إعادة بناء البلاد ودعم استقرارها وتقديم بديل أفضل للأفغان.
ولقد كان العامل الأهم والمساعد في إحياء حركة طالبان هو الملاذ الآمن الذي وجدته في المناطق الحدودية مع باكستان، والذي مكَّنها أيضاً من مد نفوذها إلى داخل باكستان. وهكذا بدلاً من أن تقضي القوات الدولية والحكومة الأفغانية على طالبان أفغانستان، عملت بسبب تقاعسها وفشلها وعدم تقديم بديل أفضل على نشر وباء الإرهاب إلى باكستان عبر ولادة طالبان أخرى ذات هوية باكستانية.
***