Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/12/2009 G Issue 13586
الاربعاء 22 ذو الحجة 1430   العدد  13586
دبي شجرة مثمرة ترشق بالحجارة.. أم فقاعة ستذوب في لهيب الصحراء؟
رد الفعل العالمي متشائم وهاجس المال الجبان يحاصر الحلم

 

الجزيرة - منيرة المشخص

(لا يفهمون شيئاً).. بهذه الكلمات أجاب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي رداً على سؤال عن رد الفعل العالمي على طلب دبي العالمية تجميد المطالبة بديونها وخطط إعادة هيكلتها.. وقال محمد بن راشد: الإمارة قوية ومثابرة على الرغم من رد الفعل العالمي على خطط الإمارة لإعادة هيكلة مجموعة دبي العالمية المملوكة لها والذي قال إنه يظهر سوء فهم.

وأثارت دبي القلق في أسواق المال العالمية في الخامس والعشرين من نوفمبر الماضي عندما طلبت تجميد المطالبة بسداد ديون شركة دبي العالمية ووحدتها العقارية نخيل والبالغة نحو 59 مليار دولار لمدة ستة أشهر فقط.

ودبي العالمية واحدة من الشركات الثلاث القابضة في الإمارة إلى جانب دبي القابضة ومؤسسة دبي للاستثمار.

وتضم مجموعة دبي العالمية بالإضافة إلى نخيل العقارية وموانئ دبي العالمية واستثمار العالمية وهي شركة استثمار تضم حافظتها نحو 50 شركة في القطاع المالي وقطاعات الإنشاءات والصناعة والعقارات.

وعانت إمارة دبي جراء الأزمة العالمية وظهر ذلك جلياً في قطاع العقارات المزدهر في الإمارة والتي تعمل فيها نخيل العقارية بشكل كبير من خلال عدد من المشاريع في القطاع

وبلغ إجمالي قيمتها نحو 110 مليارات دولار حتى نهاية 2008 تركزت في النخيل الثلاث الشهيرة في عرض البحر نخلة جميرا وجبل علي وديرة.

ورغم أن دبي أعلنت عن طلب مد آجال استحقاق القروض لشركتها القابضة دبي العالمية ووحدتها نخيل العقارية لكن حاكم دبي أكد بقوله: (نحن أقوياء ومثابرون).. وأضاف: فيما بدا أنه إشارة لانتقادات للإمارة بشأن التكهنات بانفجار الفقاعة بقوله (إنها الشجرة المثمرة المروية.. التي تصبح هدفاً للرشق بالحجارة).

وكشفت دبي العالمية مطلع الشهر الجاري عن خطة لإعادة الهيكلة تشمل شركتيها الرئيستين للتطوير العقاري نخيل وليمتلس في خطوة تشمل ديوناً تبلغ 26 مليار دولار يمكن أن تتضمن بيع بعض الأصول، دون إعادة الهيكلة في شركات أخرى قالت عنها دبي إنها مستقرة مالياً مثل إنفينيتي العالمية القابضة واستثمار العالمية وشركة عالم الموانئ والمناطق الحرة التي تتبعها موانئ دبي العالمية وشركة عالم المناطق الاقتصادية وشركة عبارات بي آند أو ومنطقة جبل علي الحرة (جافزا).

هل فقدت دبي الثقة؟

ذهب بعض المحللين إلى أن الأزمة التي تمر بها دبي انعكست سلباً على الأوضاع الاقتصادية وبخاصة الأسواق المالية الخليجية بشكل عام بالرغم من تطمينات حاكم دبي الأخيرة، فقال الدكتور عبد الوهاب القحطاني أستاذ الإدارة الإستراتيجية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ل(الجزيرة) إن آثار الأزمة العالمية بدأت تظهر على الاقتصاديات الخليجية بالرغم من التصريحات المتناقضة مع توقعات المحللين الاقتصاديين والماليين، ومنها بالتحديد اقتصاد حكومة دبي، وبالتالي انعكست على الاقتصاديات العالمية الأخرى ذات الارتباط المباشر وغير المباشر بقروض دبي العالمية.

وأضاف القحطاني: حكومة دبي كانت تحاول التباطؤ والتأخير في إعلان مشاكلها المالية منذ وقت طويل، فالتوسع الضخم في الاستثمارات العقارية يواكبه توسع كبير في الاقتراض من المؤسسات المالية الإقليمية والعالمية، لكن التدفق في السيولة الاستثمارية كان ولا يزال بطيئاً جداً لا يساعد حكومة دبي وشركاتها على سداد القروض في حينها ما سارع في زيادة الشكوك في قدرة دبي على إعادة هذه القروض للبنوك المحلية والإقليمية والعالمية.

وحول تصريح حاكم دبي قال القحطاني: (كنا إلى وقت قريب قبل بروز الأزمة الاقتصادية العالمية نسمع عن فقاعة دبي تارة.. وعن طموح ونجاح دبي تارة أخرى، بين متفائل ومتشائم بنجاح أو فشل دبي كنموذج للاقتصاد النامي في دولة ليس لديها الموارد الكافية إن صح القول.. وما ان صرح حاكم دبي عن رغبته في تأخير سداد القروض المستحقة وإعادة جدولتها حتى بدأت الاقتصادات العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا تتراجع بعد أن شهدت نمواً زاد من تفاؤل المستثمرين، لكن هذه الثقة ضعفت وزادت مخاطر تراجع نمو الاقتصاد العالمي بعد التصريح).. مشيراً إلى أن العامل نفسي، بل الأزمة العالمية برمتها نتجت بنسبة كبيرة عن ضعف الثقة نتيجة سيكولوجية المستثمرين بالرغم من أن العالم يشهد طلباً متزايداً على السلع والخدمات والمواد الغذائية والمنتجات الصناعية الكبيرة والصغيرة، لكن الهلع والخوف من شح السيولة في كل مكان جعل الناس أكثر ترشيداً في استهلاكهم واستخداماتهم لكل شيء.

بدورها رأت الدكتورة نجوى سمك أستاذة الاقتصاد في جامعة الملك سعود سابقاً أن إعادة الثقة هي الخطوة الهامة لحل الوضع الاقتصادي لدبي واشترطت لعودتها طرح حلول للمعالجة سواء بإعادة الهيكلة للديون أو بإنقاذ من قبل بقية الإمارات للموقف.. وقالت الدكتورة نجوى إن السبب الرئيس لذلك الانهيار هو الإفراط في الإقراض دون أي رقابة على الشركات والبنوك المقرضة وحساب درجات المخاطر.. وتضيف سمك: (قد كان هذا هو السبب الرئيس لكافة الأزمات المالية منذ أزمة آسيا 1997 حتى أزمة سبتمبر 2008) وطرحت تساؤلاً قائلة: (بالرغم من وجود قواعد بازل واحد واثنين.. ولكن أين التطبيق والإدارة المالية والرقابة الكفء؟..

دبي والمعلومه

يرى الدكتور عبد الوهاب القحطاني أن التعتيم على المعلومات من حيث الكمية والنوعية يحدث التباساً لدى المستثمرين ما يضعف ثقتهم، وقال إن حاكم دبي حاول توضيح وضع هذه الديون وطريقة معالجتها ليستعيد ثقة المستثمرين ببلاده.. مشيراً إلى أن اختيار الوقت كان أحد العوامل المهمة.. وقال: (اختار حاكم دبي عطلة عيد الأضحى في العالمين العربي والإسلامي وكذلك عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة للتصريح والإفصاح المتأخر بهذا الخبر ليقلل من تأثيره السلبي على الأسواق العالمية، لكن مؤشرات الاقتصاد الأوروبية تفاعلت معه بسرعة وتراجعت، وتلاها في ذلك المؤشرات الأمريكية فالآسيوية).

ويضع القحطاني قراءة مستقبلية لسوق الأسهم السعودية بقوله: (من المتوقع أن تتراجع أسهم الشركات السعودية ذات العلاقة بدبي والشركات السعودية التي استثمر ملاّكها نسبة كبيرة منها في دبي، لكنها ستعود للانتعاش بعد صدور الميزانية في المملكة وصعود مؤشر الأسهم السعودية إلى مستويات عالية نسبياً بنهاية الربع الرابع حسب توقعه للمؤشرات المالية والاقتصادية في المملكة).

وقال القحطاني: (أعتقد أن توقيت الإعلان عن الأزمة في دبي لم تكن مدروسة من ناحية التأثير النفسي على ثقة المستثمرين، بل زادت من ضعف الثقة لأنها نظرت للتوقيت بالنسبة لحكومة دبي، خصوصاً على أعلى المستويات ما يثير الشكوك حول الحجم الكبير.. الوقت كفيل بإعادة الثقة، لكن الاقتصادات الصناعية المنافسة لجذب الاستثمارات الأجنبية تغري المستثمرين. واختتم القحطاني حديثة بقوله: (أتمنى لدبي وغيرها من الاقتصادات الخليجية الخروج من هذه الأزمة والعودة بقوة بناءً على سياسات إستراتيجية).

استباق الحدث والتصحيح

يبدو أن دبي تدرك أبعاد الأزمة المالية وتعمل على انتشال اقتصادها من الأزمة فبدأت مبكراً مطلع العام الحالي 2009 ببرنامج لجمع سندات بقيمة 20 مليار دولار اكتتب بنحو 5 مليارات حتى الآن، وفي أغسطس خفض البنك المركزي الإماراتي قيمة الفائدة إلى نحو 1.5% لتحريك السيولة في الأسواق، واختتمت تحركاتها قبل إعلان دبي العالمية طلب تأجيل سداد ديونها بنحو أسبوع بإصدار مرسوم من قبل الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي بتعديل مجلس إدارة مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية التي تملك طيران الإمارات وتعيين اثنين من أبناء حاكم الإمارة في عضوية المجلس.

كما أصدر حاكم دبي مؤخراً مرسوماً آخر بتعيين أحمد حميد الطاير محافظاً لمركز دبي المالي العالمي بدلاً من عمر بن سليمان سعياً -حسب المرسوم- لتطوير الأداء في حكومة دبي والدوائر شبه الحكومية التابعة لها.

ونقلت وكالة (رويترز) عن تريستان كوبر المحلل الكبير في موديز الشرق الأوسط قوله إن التغيير فيما يبدو في الأفراد يُمثل أحدث خطوة في تحول متتابع في تركيز السياسة.. مضيفاً أن تحول السياسة يهدف للابتعاد عن المغامرة الممولة بالدين في سنوات الطفرة إلى إدارة محافظة بدرجة أكبر لموارد دبي.

ولم تتوقف حركة الإنقاذ من داخل دبي وحدها فتحرك البنك المركزي الإماراتي بإصدار مذكرة في أواخر نوفمبر الماضي لبنوك الإمارات وفروع البنوك الأجنبية العاملة في البلاد يخطرها بأنه يتيح لها تسهيلاً إضافياً خاصاً للسيولة يرتبط بحساباتها الجارية لدى البنك المركزي، وأن سعر التسهيل يزيد 50 نقطة أساس على السعر المعروض بين بنوك الإمارات (ايبور) لثلاثة أشهر.. وذكر البنك المركزي أنه يدعم بنوك الإمارات وفروع البنوك الأجنبية، مشيراً إلى أن النظام المصرفي في الإمارات أقوى ولديه سيولة أكثر مقارنة مع ما كان عليه قبل عام.

كما تحدثت أنباء عن أن أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة ستنظر في التزامات دبي وتعالجها كل حالة على حدة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد