Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/12/2009 G Issue 13586
الاربعاء 22 ذو الحجة 1430   العدد  13586

سلطان الخير واسطة قلادة الإحسان
بقلم : الفريق سعد بن عبدالله التويجري (*)

 

الرجال صفحات وأفعالهم أقلام وسيرتهم أحداث، ومن الرجال أكفاء أكناف للمجد يجتذبونه بكماله وزمامه بحسن أفعالهم من أيدي أهله وأصحابه وبفضل شمائلهم ينقشون الحب في القلوب والشوق في العيون، رياضهم بالمعروف مستطابة ومكانتهم بالحب مهابة ومن رجاحة عقولهم أفعالهم نحو التوفيق منقادة. ومن الرجال من عقد الله تعالى البركة في ناصيته حيثما حلّ نفع وحيثما كان ترك للخير أثر ذكره معروف دائم ومجلسه فائض وتجاربه مستفاد منها وشمائله وضاءة بالشوق الدائم نوارة بالخير والفضائل.

وكل منصف متتبع لسير الأفذاذ من الرجال يشهد أن طوارق النسيان لا يمكن أن تنال من شمائل سلطان.

وكما قيل في الأثر: إن لكل إنسان نصيباً من اسمه، فكذلك سلطان انقادت له الأفئدة بسلطان المحبة وساد المشاعر بسلطة المودة حتى:

ثبتت له في القلوب محبة

كما ثبتت في الراحتين الأصابع

ولو أردنا إيجاد سبب وتفسير لذلك الحب الذي انساب إلى أفئدة الخلق كانسياب الماء العذب على ظمأ الهواجر فإننا نجده في تتبع سيرته ودراسة تاريخ الحقبة التاريخية لتربيته، فقد اعتنى الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- بالعفو والمغفرة في تربيته لأبنائه، فقد حرص -غفر الله له- على تعويدهم على صلابة العود واستقامة العمود ودفعهم للغوص في تجارب المواجهة مع المسؤولية لقضاء حوائج الناس وحل مشاكلهم وتتبع أحوالهم وسد سخيمة احتياجاتهم مواجهة لا يفتر معها عودهم برخاء الإمارة ولتزداد قوة صبرهم بثبات لا يتزلزل مع كل شدة وضائقة ودهماء، أتاح لهم الفرصة لأن يكونوا من مقاليد الحكم قريبين منذ نعومة أظفارهم لمشاكل الناس معاصرين ولعامتهم مخالطين دون درع حماية ولا مواكب رعاية تميز أوضاعهم كأمراء صغار السن.

سكن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز بيتاً من طين وعامراً بالطيب وخالط الناس في الصباح والليل والهجير ليقضي لهم حوائجهم ويبلغ أباه جلالة الملك عبد العزيز أحوالهم، هكذا نشأ الطفل الصغير سلطان بن عبد العزيز فأكسبته هذه التربية نضجاً مبكراً وعقلاً راجحاً وحلماً دائماً وكرماً مستفاضاً وجوداً نادراً غلب جود حاتم الطائي في زمانه واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في استرسال ترادف أنعامه دام معه إلى أن تقلد مناصب متعددة في الدولة السعودية، فقرت به عين أبيه وتعضد به أخوه واستفاد من مجالسته مخالطوه.

سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز يجد المتأمل في سجاياه أنه من كل خير قريب وعن كل شر بعيد، لقد رتق سلطان بن عبد العزيز الفضل واستخرج كنوز رحلته وأورث الأجيال القادمة فضائل سيرته، اعتلى على رونق الحكمة كما اعتلت الشمس واسطة السماء في الضحى وبلغت أصقاع الدنى، كما بلغ الهواء رئة كل نفس ولا شك أن للمسؤوليات الجسام التي تقلدها سمو الأمير سلطان دوراً قوياً في توجهه نحو تقلد معالي الأمور.

كرمت عليه نفسه فارتقى بها حتى حملها حمائل جسام من الأعمال الإنسانية وشمائله أخرست ألسن أعدائه وأبكت فصاحة البلغاء من أهل وده وأعدائه وأخلاقه أعيت القلوب السليمة ودفنت الضغائن الجسيمة يأخذ بالأيدي عند كبوة القدر وعثرة الابتلاء شهد له الأعداء على أنه من الرحمات التي منَّ بها الله تعالى على الناس.

جوده مرسوم على تقاسيم وجهه يكثر عند اللقاء من بشره وملامح خيره مرسومة على غرة جبينه يعطي من ماله أكرمه وبره أحكمه وقوله أصدقه وفعله أتقنه واصل للقريب والبعيد وصدقاته دائمة بكرة تبسمه حتى يستحي سائله الطالب منه لكثرة بشاشته منزه عن عنجهية الأخلاق ومساوئها، من عقله تستخرج كنوز الحكمة من حكمته يستخرج غور رجاحة عقله، يرقع ما يخرق غيره وفي الضير همته مصروفة، أخذ من مكارم الأخلاق أنفسها دررا وجعل منها قلادة أفعاله فحلى بها نحر مسؤولياته منذ أن كان صغيراً إلى أن أصبح رجلاً رشيداً فديدنه إغاثة اللهفان وقضاء حوائج الناس وتسييس أمورهم على النحو الذي لا يولد في قلوبهم إلا الولاء والحب، ملك من نفسه زمام هواها فحملها على مكارم الأخلاق وارتقاء معالي الأمور وعلو الهمة في قضاء حوائج الناس وإغاثة اللهفان وتدارك المنكوب وعلاج المرضى وكفالة الأيتام والأرامل والضعفاء أسبغ بالمعروف أيادي له من الخير متعددة في مجالات إنسانيته متفرقة ومتعددة ظاهرة للعيان وباطنه لم يشهدها إلا الديان يتفيأ ظلالها المساكين والضعفاء والأرامل والأيتام والصغار من الناس والكبار ما ران على معروفه منة أفاض فيه وأطنب جودا على جود حتى سمي بسحابة الخير وسلطان الخير ويد الخير، ألزم الخير نفسه فجعل الله تعالى محبة الناس له رداءه وثوبه بسط بالجود يده فانقادت القلوب له والتفت من حوله بسط رجاحة عقله وجود يده فأنبجست عيون المنافع شاهدة بالإنجازات الجسيمة له مساجد ومراكز علمية ومستشفيات ومراكز تأهيل ومدن للخدمات الإنسانية وجمعيات خيرية ومدارس وجامعات ومراكز لحماية البيئة وحفظ المياه وصناديق للحياة الفطرية ومراكز لاستجابة الصرخات وإغاثة اللهفان داخل المملكة العربية السعودية وخارجها فكم وكم من استغاثة سمع صوتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز من مقطوع لا حول له ولا قوة إلا بالله تعالى ونعم بالله رب العالمين.

كثيرة هي القصص وللعرض لا للحصر نذكر منها قصة ذلك الرجل الذي استغاث بالأمير سلطان لعلاج أخيه من السرطان ببرقية كضرب من المحاولة لعل وعسى أن يثلج صدره أنه طرق باب المحاولة والمفاجأة كانت حينما جاء الرد مباشرة من غده، إذ تلقى هاتفاً من مكتب الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخاص يخبره أن أخاه سوف ينقل بطائرة إخلاء طبية إلى أمريكا لتلقي العلاج هناك مباشرة والسكن والعلاج وكافة تكاليف الرحلة على حساب سموه الخاص لم يكن هذا الرجل من الأعيان ولا من العلماء ولا من الوجهاء إنما كان رجلاً بسيطاً مغموراً من عامة الناس طرق باباً فوجد الفاتح له سلطان بن عبدالعزيز مثل هذه القصة أكثر من الكثير تجدها كل يوم تتكرر تكرار تعاقب الليل والنهار وما من موقع في المملكة العربية السعودية إلا ويذكر الناس مثل هذا الحدث فيه، إذ إن سموه -شفاه الله تعالى- أمر مكتبه الخاص ألا يرد سائلاً ولا استغاثة مستغيث وأن تكون طائرات الإخلاء الطبي على أهبة الاستعداد الدائم ليل ونهار لمتابعة أحوال المرضى وعلاجهم على حسابه الخاص داخل مستشفيات المملكة العربية السعودية أو خارجها، وليس ذلك بعجيب على صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فهو منذ نعومة أظفاره محط ثقة وأهل لتحمل المسؤوليات الجسام، فقد حنكته مصاريف الأقدار وأرضعته الحكمة ألبانها حتى أصبح له همة تعتلي بجناحها إلى عنان السماء فغايرت النجوم علوا والقمر ضياء والسماء اتساعاً والشمس دفئاً وإشراقاً حتى أصبح بالخير سراجاً وهاجاً يضيء في سماء كل محنة وشدة يمر بها المستجير به من رمضاء المحن وأصبحت همته نحو معالي الأمور أبعد من مناط الفرقد وأعلى من منكب الجوزاء وأوسع من الأرض ذات العرض فصار لعين المكارم مثلاً وقدوة، تولى مقاليد الرئاسة صغيراً وحكم الرياض ابن عشرين أو دونها بقليل وتدرج في مقاليد المسؤوليات الجسام منذ أن كان غلاماً صغيراً إلى أن أصبح لفعل الخيرات أميراً عركته الأيام وحنكته تصاريف الأقدار ووضعت كثرة التجارب في فعله مراءة العواقب وأخذ من برهان التجارب صحيحة الفضائل وترك سفاسف الأمور وترهاتها والترفع عنها.

ولقد أتعب ركائب فكر الكتاب استقراء صنائعه بالمعروف في الأنام فله منن توالت توالي القطر على القفر واتسعت سعة البر والبحر وأثقلت كاهل كل حر ووضعت عن عملها عواتق الأطواد والرجال الأفذاذ من هي أحسن أثرا من الغيث في الروض وزادت أياديه حتى كادت أن تسبق الأعداد. وأجهدت جهد الأعداء وثبتت أقدام معروفه في قلوب الناس حتى التفت حوله محبتهم. وقصص الناس كثيرة وتتبعها يحتاج أن يشرق القلم ويغرب ولكن الوجيز يذكر والقليل يدل ويرشد إلى الكثير الكثير من الفيض الإنساني لدى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي تربى في عرين الفضائل ونشأ في روض المكارم حتى أصبح للجود غرسا ولإخوانه بالخير عضدا وللناس مغيثا وللدين درعا وللعلم ناشرا ولأهله وقرابته برا رحيما ولعامة أهل الأرض للخير مفتاحا، للشر مغلاقا يربأ الصدع ويلم الشعث ويحب وحدة الصف ويعين على نوائب الدهر.

وهذا هو ديدن الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في تربيته لأبنائه، أهلهم لمكارم الأخلاق ورباهم على فضائلها وروضهم بالحلم على جهل الجهال والأعراض عن سفه السفهاء والإحسان للأصدقاء والأعداء والعفو عند الاقتدار حتى إن ساسة وحكماء هذا الزمان قد أجمعوا جميعهم أصدقاء وأعداء على نجاح الملك عبدالعزيز في تربيته لأبنائه إذ شد عودهم بقوة الصبر على من جهل عليهم من الدهماء وقدرتهم على العفو عند المقدرة وصلابتهم عند ترادف الفتن والتفافهم حول شعبهم في الرخاء والمحن وكرم رفادتهم في الرخاء وجود سقايتهم في الجدب حتى أصبحوا رأساً لكل فضيلة وخيراً ودرعاً تتدرع خلف قيادته الناس عند كل خطب.

ولا زالت الألسن المحبة على الملك عبدالعزيز رحمة الله تعالى بالثناء ناطقة ولحسن تربيته لأبنائه ذاكرة وبهم للناس في الخير أمثال ضاربة.

وما صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلا شبل من ذاك الأسد وضلع من ذاك الجسد وقطرة من ذلك البحر وسحابة خير من تلك السماء المباركة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بالعفو والمغفرة وأمد لنا في بركاته بشفاء صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وعضد به أخاه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأدام علينا التفافنا وتماسكنا مع قيادتنا بوحدة الصف واجتماع الكلمة وسلامة القلوب وردعنا وعن ديارنا بحنكة سياسة حكامنا كل خطب ومكروه وأدام علينا نعمة الإيمان والإسلام والأمن والأمان فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من بات آمن في سربه معافى في جسده يملك قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).

(*) مدير عام الدفاع المدني


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد