Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/12/2009 G Issue 13586
الاربعاء 22 ذو الحجة 1430   العدد  13586
ايقاعات
كارثة جدة.. والحلول المطلوبة
تركي العسيري

 

الكارثة المؤلمة التي تعرضت لها مدينة جدة (عروس البحر الأحمر) وما صاحبها من ردود أفعال مختلفة، يجب ألا تنسينا بعض الحقائق التي ظلت تطل باستحياء في حمأة ردود الأفعال تلك، والتي غيّبت جزءاً من المشهد المؤلم، وهو جزء مهم، بل لعله أصل المشكلة برمتها، فالمعروف أن تلك الأحياء التي طمرتها السيول هي في مجملها أحياء عشوائية نبتت كالفطر خارج المدينة وفي فترات سابقة عن طريق التملّك أو الاستيلاء، وكلها تفتقر إلى الشروط المناسبة للسكن الآمن، حيث أقيمت في مجاري السيول وبطون الأودية، وهي نتيجة طبيعية لتراكمات قديمة فشلنا في حلّها.

الكارثة مفجعة بكل المقاييس، وأسبابها عديدة منها.. التخطيط العشوائي، وأزمة السكن الطاحنة لدى شرائح متعددة من المواطنين والذين رأوا في تلك الأحياء حلاً لمعضلتهم.

أنا لا أبرئ أحداً، بل يجب أن يتحمّل كل مسؤولياته إزاء هذه الكارثة التي آلمتنا كسعوديين، ولعل لجنة تقصي الحقائق ستكشف الكثير عن الأسباب التي أدت إلى ذلك.

ولعل من العدل أن نشير إلى أن مدينة جدة ليست وحدها من يعاني من مخلب السكن العشوائي، بل هي سمة تشاركها فيها مدن وقرى ومناطق أخرى.

المطلوب الآن... أن نضع حلولاً علمية لدرء الخطر، حلولاً تأخذ في الاعتبار القدرة على مواجهة التحديات البيئية، والتقلبات الجوية ووضع حل للبناء العشوائي ومعالجة الأسباب التي ساهمت فيما حدث.

ونعوّل كثيراً على لجنة تقصي الحقائق التي أمر خادم الحرمين بتشكيلها، وخصوصاً أن رئيسها سمو الأمير خالد الفيصل يملك من الشفافية والحزم والموضوعية ما يمكنه أن يضع النقاط على الحروف دون موارته أو تبرير.

نحن مطمئنون - كمواطنين - أن ساعة الحقيقة قد حان وقتها، وأن توجيهات ولي الأمر في أن لا أحد فوق المحاسبة، لن تدع هذه الكارثة تمر دون مساءلة أو حساب.

هذه الكارثة المفجعة التي تعرّضت لها مدينة (جدة) ينبغي ألا تنسينا أن الكثير من مدننا وقرانا تعيش الأزمة نفسها فيما لو تعرضت لا سمح الله لما تعرضت له جدة من سيول وأمطار.

وأتصور أن التفاتة الملك الإنسان قد خفّفت كثيراً عن أسر الضحايا والمصابين وأعلنت بوضوح أن فجراً جديداً للإصلاح قد بزغ، ولم يعد بمقدور أحد أن يواري أخطاءه وتصرفاته.

حمى الله بلادنا وأهلها من كل مكروه.



al assery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد