من الموضوعات التي تشغل بال الجميع على مدار الوقت, موضوع التعليم، وما يستشرف له من التصورات، والتخطيط، والبرامج، والمنهجيات, والوسائل, والمباني، وأساليب التعلّم والتعليم، وتهيئة أعضاء التربية والتدريس, من المعلم للإداري، للفني، وتأهيلهم وتدريبهم، بل تمكين مضامين توجهاتهم، وميولهم للمهنة، واستعدادهم للأداء، ومهاراتهم في التطوير، وقدراتهم في المواجهة، وقراراتهم الموافقة للوقت، والموقف والاستدعاء، وثمة منافذ كثيرة مشرعة سبلها، الخفية والظاهرة، لدخول شحنات ودفقات من الأنوار المضيئة، والهواء المفيد، والأغبرة المعتمة، والمياه الجارفة، تمس كيانات هذا الصرح العالي، القريب، المندمج، بعروق المجتمع، الضاخ الضاج بحاجاته، واهتماماته، وتطلعاته، في حاضره ومستقبله، والممتد بين ماضيه وحاضره، وبين سؤاله وجوابه، وفرحه وحزنه، وصحته ومرضه، ومعارفه وجهالته، وثقله وخفته..، لذا فإن مكوكية الحركة في مداخل ومخارج إداراته، وتكتلاته، ومسؤولييه، وقادته، تنبئ بهذه الأهمية الدائمة، القائمة، المتقدة بأمر التعليم..
في آخر مواجهة مع وزيره ومسؤوله الأول في المدينة المنورة، وعلى فسحات أرضية الجامعة الإسلامية، قال الأمير فيصل بن عبد الله إن الإستراتيجية المخطط لها، التي بدأت تنسج كل خيوطها، وترسم كل حروفها، وتصب كل قطراتها، وتبث كل أنوارها في نسيج هذا التعليم منذ فترة، سوف تضع رحالها بعد أربعة عشر عاماً، في هذه المدة سيتم لهذه الإستراتيجية كيانها، وقوامها؛ بمعنى أن تكون الوزارة قد قضت على كل نقص، وأقامت كل تمام، في المعنى والمبنى، بدءاً بتطوير المناهج، وتحديث المباني، وتهيئة خبرات المعلمين، مواكبة مع أحدث ما توصلت له العمليات في التعليم، خطة ومحتوى، وطرائق تدريس، ووسائل معينة، وتغيير جذري في أساليب التعامل، مع جيل وصلته من تلك المنافذ الأغبرة، والأنوار، والمياه، والريح..لله ما أثقل وما أجمل ما يدور في رحاب التعليم، أوله بذور وآخره حضور، قليله أمل وكثيره واقع، جزء منه يجب وباقي الأجزاء ما الذي تم؟
قوامه بناء، وأدوات، ومعلم، وإداري، ومال، وتقويم، وحصاده بشر يسيحون بما حملوا فيه..،
إن تمام، عمَّ الثمر ونهض الشجر، وإن قصور، تهالك البناء وشح الرواء..
لأن التعليم في النهاية أمانة، فعسى أن يوفّق الله من يسعى لها على بصيرة، وفّق الله الوزارة وجعلها كذلك، من قائدها الأول، إلى حارس بوابات مدارسها، فتأتي السنة الرابعة عشرة القادمة، ويكون التعليم قد أرخى ظلاله وأعشبت وديانه.