الرياض - العنود الوشمي- هبة اليوسف :
مكة المكرمة - مريم الزهراني :
بعد إصدار وزارة الصحة بياناً إلحاقياً حول توخي الحذر من الموجة الثانية من فيروس إنفلونزا (H1N1)، التي بدأت مطلع الشهر الماضي في ذي القعدة تشرين الأول (أكتوبر)، ارتفعت نسبة الإصابة بالمرض في المملكة إلى أكثر من 50 في المائة، وارتفعت أعداد الوفيات في السعودية بالوباء إلى (82 حالة) تقريباً منذ ظهور المرض وحتى الأسبوع المقبل، في حين بلغت أعداد الوفيات التي تم إحصاؤها على مستوى العالم حتى الآن (6260) حالة، لكن يظل عدد المتعافين كبيراً مقارنة بعدد المتوفين في العالم.
و(الجزيرة) آثرت تغطية تجارب متنوعة لعدد من الذين تعافوا من المرض، ليستفيد القراء في التعامل مع المرض بصورة صحيحة دون خوف مبالغ فيه، والإجابة عن تساؤلات قد لا نجد من يجيب عنها بشكل أفضل سوى من جرّب هذا المرض وشفي منه.
(اسأل مجرباً بعد الذهاب للطبيب) هذا الشعار الذي ركزنا عليه في تقريرنا، فلا تغني زيارة الطبيب من سؤال أهل التجارب، للاستفادة من تجاربهم وكسر حاجز الرعب والخوف لدى البعض من الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير H1N1، نتيجة لنقص المعلومة والشفافية في التعاطي مع الموضوع. فإلى تجارب المتعافين من المرض:
الهالة الإعلامية للمرض مبالغ فيها
(ناصر الجندبي 26 عاماً) موظف بأحد المستشفيات الحكومية التي تعاني من الزحام في الأحوال العادية، فكيف في ظل انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، فقد انتقل المرض لناصر بحسب قوله أثناء عمله بالمستشفى (بدأت الأعراض بالحرارة والزكام، وبعد مراجعة لقسم عيادة الموظفين جاءت النتائج إيجابية وثبتت إصابتي بالمرض، وقد تم صرف العلاج، وانعزلت في البيت عن بقية أفراد أسرتي لمدة أسبوعين، وقد شفيت بعد خمسة أيام من جميع الأعراض بحمد الله، ولكن بقيت في العزل حتى أضمن خروج الفيروس من جسمي، لئلا تنتقل العدوى لآخرين).
ويصف ناصر تجربته بأنها أقل رعباً مما صورها الإعلام وتناقلها الناس، (هي أشد من الإنفلونزا العادية بقليل ولكن ليست بالصورة المرعبة التي سمعنا عنها، ويشدد ناصر على وجوب أخذ الفيتامينات والعسل والبرتقال، لأنها ترفع المناعة وتقوي الجسم في مواجهته للمرض).
أما منيرة التي أصيب ابنها عمر بالإنفلونزا تقول: الهالة الإعلامية التي ظهرت حول المرض أكبر من المرض نفسه، فبعد أن أصيب ابني عمر داومت على إعطائه الأدوية، بالإضافة إلى اليانسون والعسل والثوم مع التبتل لله بالدعاء والحمد لله بعد خمسة أيام شفي تماماً.
صدقة بعد اليقين بالموت
أما وجدان والتي كانت متيقنة من موتها فتقول: عندما أصبت بالإنفلونزا أحسست أنني سأموت، فتبت لله وتصدقت بكل ما في حسابي من مال وكان 5000 ريال، وبقيت في سريري باكية طوال 3 أيام، بعدها أحسست بتحسن وتماثلت للشفاء، والآن أحمد الله الذي شفاني، وصحيح أنني تحسرت على مالي قليلاً ولكن أهم شيء أن صحتي عادت لي.
وتروي السيدة هـ.ض تجربة ابنتها مع المرض، أصيبت ابنتي بالمرض، ومن أهم أعراضه الحرارة الشديدة التي تجاوزت 40ْ درجة، والإنهاك والتعب الشديد يصاحبه قئ مع ألم في البطن. وتم إعطاؤها العلاج المناسب من قبل مدينة الملك فهد الطبية، ثم تم عزلها بشكل تام في المنزل مع توفير سبل الراحة لها حتى تماثلت للشفاء، والحمد لله بسبب الوعي المسبق عن المرض تم تجاوز المحنة.
لكن شعرت بالملل والضيق، نتيجة لعزلها عن أفراد الأسرة، فوفرنا لها وسائل للتسلية كالتلفاز والهاتف الجوال والكمبيوتر، وكانت تلقى الاهتمام من الجميع حتى صديقاتها أصبحن يتصلن بها ويتحدثن معها بشكل متواصل ليطمئن على صحتها، وإن كان واجهنا بعض من يحاول الابتعاد بعد معرفتهم بإصابة ابنتي، ولكن بعد يومين زال الحذر ولله الحمد.
العسل والحبة السوداء أدوية مساعدة
تقول ميساء صالح القرشي أصيب طفلاي بالمرض ولا أدري من أين اكتسباه، والحمد لله أعطيناهما جرعات (التاميفلو) وداومنا على العسل والأعشاب الطبيعية، ففيها خير كثير والحمد لله هما بخير وعافية الآن.
وفي جده تعافى محمد وهو طفل يبلغ من العمر (9 سنوات) من المرض، ومما صعب الحالة مرضه السابق بحساسية الصدر، وصعوبة التنفس والالتهاب المتكرر بالشعب الهوائية خصوصاً مع دخول فصل الشتاء.
وسألنا والدته عن إصابة طفلها بالمرض فذكرت أن ابنها ارتفعت حرارته بشدة، وأصيب بعدها بحالة من الخمول والهذيان، وبعد تأكد إصابته زادت حالته سوءاً، فقد امتنع عن تناول الطعام والأدوية، وعانيت معه لمدة أسبوع، ولكن هو الآن بخير وقد زال عنه المرض واكتسب مناعة دائمة تحميه بعون الله.
وأوصت أم محمد بضرورة عزل المصاب في غرفة عن باقي أفراد الأسرة، وأعطائه العسل والحبة السوداء المذكورة فوائدها في السنة النبوية، وكنت أبخر البيت بالجاوي والمر والحمد لله الأمور على خير ما يرام.
ومن الرياض أصيب فالح العنزي (34 عاماً) بالإنفلونزا أثناء ذهابه لأداء العمرة، وبعد عودته نقل العدوى لزوجته وأمه العجوز وهي مريضة بالسكر والضغط، وقد شفوا جميعاً من المرض بعد أسبوعين من المعاناة. تقول زوجته أن كثرة الخروج والاختلاط تساهم في انتقال المرض، وقد داومت هي وعائلتها بعد أخذ العلاج على شرب عصير البرتقال، وأكل العسل الطبيعي، والزنجبيل.
الدعم النفسي لتجاوز الأزمة
وتذكر(ش. ق) أن أعراض المرض تمثلت في ارتفاع درجة الحرارة، والكتمة الصدرية، وضيق التنفس، وقد تلقى المريض العناية الصحية الممتازة داخل المستشفى، ولم يكن هناك تأثير سلبي من الناحية الأسرية والاجتماعية بل كان هناك تكاتف من قبل الأسرة لدعم المريض نفسيا، وتقديم النصائح والتخفيف عنه بالسؤال والزيارة، ولم نشعر بالخجل من إصابة أحد من أفراد الأسرة بالمرض.
البطء في ظهور نتيجة التحليل
ذكرت (أثير) أن العدوى انتقلت لأختها وابنتيها عن طريق امرأة مصابة بالفيروس كانت تجلس بجانبها في الطائرة، فقد كانت تعطس وتكح طوال الوقت، ولكننا لم نشك في الأمر، وبعد أسبوع ظهرت علينا الأعراض جميعاً في نفس اليوم، ارتفاع في درجة الحرارة وألم في البلعوم وعطس.
عندما ذهبنا للمستشفى طلب منا الدكتور أن نخضع لفحص فيروس h1n1، لكن نتيجة الفحص تظهر بعد ثلاثة أيام، لذا طلب منا الطبيب استخدام علاج الأنفلونزا مباشرة حتى تطلع النتيجة، لأنه كان متأكد من إصابتنا بالفيروس، وأنا حرصت على إعطائهم العسل مع حبة البركة ثلاث مرات باليوم، والحمد لله بعد ثلاثة أيام تماثلنا للشفاء.
بعد حضور الخطوبة إصابة ثم وفاة
مها من جدة (22عاماً) أصيبت بالمرض بعد حضورها لحفل خطوبة إحدى صديقاتها، تقول مها: انتقلت العدوى لي خلال مناسبة اجتماعية، حيث حضرت صديقتي وأفراد عائلتها وكانوا جميعاً مصابين بالمرض دون أن يعلموا بذلك لاعتقادهم بأنها إنفلونزا عادية. فبعد إصابتي بالمرض ذهبت صديقتي وعائلتها للمستشفى، وهناك فوجئوا بأنهم جميعاً مصابون بإنفلونزا الخنازير، وبأنهم جميعاً شفوا منها بحمد الله.
وتضيف فاطمة بألم: المحزن في الأمر إن إحدى صديقاتنا التي حضرت معنا لنفس المناسبة، تعاني من مشاكل طبية عديدة، أصيبت أيضاً بالمرض وانتقلت إلى رحمة الله تعالى بعد عشرة أيام من الغيبوبة، ونسأل الله أن تكون شهيدة في سبيل الله.
خجل من الإصابة
وتوضح (ب. ر) أن إصابة ابننا قد صاحبها أعراض عديدة منها الصداع وارتفاع درجات الحرارة، وألم في الحلق وقئ، وقد تلقى الرعاية الصحية في المنزل بعد عزله. فالمهم توفير النظافة التامة وتهوية المكان الموجود فيه، والراحة التامة واستخدام العلاج المناسب حسب تطورات المرض.
وقد أثر المرض على أفراد الأسرة وتواصلهم مع المريض، فقد ساد الخوف من انتقال العدوى والإصابة بالمرض مما أدى لتجنب المريض طيلة فترة المرض، وقد حاولنا إخفاء إصابة ابننا بالمرض خجلاً من معرفة الناس بإصابة ابننا.
في انتظار ملك الموت
وذكرت سلوى: استيقظت من نومي وأنا مصابة بإنفلونزا خفيفة، وبعض الحشرجة في حلقي، ومع مرور الساعات بدأت أشعر بنعاس شديد مع العلم أنني نمت جيداً، ثم شعرت بألم فظيع في ظهري، وبرودة لم أشعر بها في حياتي، وكانت حرارتي مرتفعة جداً، فذهبت للمستشفى وتم عمل اختبار للتأكد من إصابتي بالفيروس، وكانت النتيجة إيجابية.
وقد شعرت بالموت في تلك اللحظة وتمنيت لو تنشق الأرض وتبلعني، وبكيت كثيراً، وانعزلت في غرفتي مما زاد من حزني وكآبتي، وكنت لا أستطيع الحراك لأنني متعبة جداً، فالحمى أجهدتني كثيراً، وكان رأسي يؤلمني بشدة وأحسست أنه سينفجر.
كنت أراقب النافذة أنتظر ملك الموت، ومما زاد من ألمي عدم استطاعتي التحدث مع أحد, قضيت الوقت في الغرفة لوحدي أكلم نفسي، شاهدت التلفاز وأمضيت الوقت بالدعاء والصلاة والاستغفار والقراءة، وكلما يأتي يوم أتحسن أكثر عن اليوم السابق، وكل يوم أحمد الله لأنه نجاني، فالحمد لله والله أنها لمعجزها لا يفعلها إلا الله عز وجل، وبعد أسبوع خرجت وإذا بي أركض في البيت فقد شعرت بالحرية والصحة والعافية.
وتحدثت (ه. م) ل(الجزيرة) بأنه تمت ملاحظة المرض من خلال الأعراض المصاحبة من ارتفاع في درجة الحرارة، وصعوبة البلع والقيء والمغص وتعب لعضلات القدم، وقد تلقى المريض العناية في البيت بعد عزله، وأهم شيء في العلاج شرب السوائل بكثرة، والمداومة على العلاج الذي تم صرفه من الطبيب كخافض للحرارة وحبوب (التاميفلو)، وقد وفرنا العناية الكاملة للمريض دون أي تأثير سلبي على نفسيته.
شفيت دون التأكد من إصابتها ب H1N1
وتقول (س.أ) بعد إصابة ابنتها بالمرض: ارتفعت درجة حرارة ابنتي، واشتبهت بوجود المرض وذهبت بها إلى مستشفى حكومي، وكنت أعتقد أن أول ما سيتم فعله هو عمل فحوصات للتأكد من أنها مصابة بالمرض، ولكن المفاجأة حين رد عليّ الطبيب بأنه لا داعي للكشف وأن الحالات المشتبه بها تصل لـ(70 حالة) في اليوم، لذا لا يتم عمل التحليل للمشتبه في إصابتهم. وقام الطبيب بكتابة مضاد (التاميفلو)، وأرشدني إلى المحافظة على النظافة، والعزل في البيت والراحة حتى تتماثل للشفاء، وفي حال ظهور أعراض أخرى يتم مراجعة الطبيب، والحمد لله تم شفاؤها وأنا لا أعلم هل أصيبت بالمرض أم مجرد اشتباه.
طبيبة تنقل المرض لأفراد أسرتها
إحدى المتعافيات (ف.ع) أشارت إلى أن العدوى بالمرض انتقلت لها من أختها الطبيبة، فقد أصيبت أختي بالمرض لأنها تعمل طبيبة في أحد المستشفيات الحكومية، وظلت حاملة للفيروس حتى بدأت تظهر أعراضه عليها وبشكل شديد، وقد تم عزلها وعلى أثره أصيبت بأمراض أخرى، وقد أثار ذلك الذعر في البيت، وانتقلت لنا العدوى، وأصبت أنا بالمرض وتم عزلي في المستشفى، وخرجت بعد يومين للبيت، وتم عزلي في البيت أيضاً، لوجود بعض الأعراض، وقد مرت الأزمة بسلام، وكنت حينها أخشى من معرفة زميلاتي للمرض حتى لا أسبب لهن الخوف.
رفض من قبل المستشفيات
وتحدثت (ج.ر) ل(الجزيرة) عن تجربتها مع ابنها، فبعد ظهور أعراض المرض من كحة وارتفاع في درجة الحرارة وضيق في التنفس، ذهبت بابني لأكثر من مستشفى ومستوصف وجميعهم يرفضون استقباله وعزله، لأنه حسب قولهم حالة مشتبه بها، مع العلم أني امرأة حامل وأخشى انتقال العدوى وأنا في هذه الحالة.
وصفوا له العلاج وتم وعزله في المنزل، وقمت أنا بالاهتمام به، وعانيت من اختلاط أخوته به بالرغم من مرضه، وأرى الآن ظهور بعض الأعراض على أحدهم، لكنني أسأل الله اللطف بنا.
أما (نهلة) وهي حامل بالشهر الخامس فقالت: مرضت بإنفلونزا الخنازير وكانت أعراضها قوية جداً، فقد كنت حاملاً في الشهر الخامس، وذهبت للمستشفى وأعطوني مضاداً حيوياً للحوامل، ومسكناً للآلام دون عمل تحليل للتأكد من إصابتي اعتقاداً منهم بأني مصابة بإنفلونزا عادية. وفي اليوم التالي زادت الحرارة والكحة، وصاحبها ألم في العين وإرهاق شديد، ورجعت للمستشفى مرة أخرى، وعملت فحص الإنفلونزا وظهرت النتيجة إيجابية، فانعزلت في غرفة لمدة 4 أيام، وبعدها الحمد الله انخفضت الحرارة وشفيت تماماً. وحقيقة كنت قبل أن أصاب بالفيروس في حالة هستيريا بسبب خوفي من أن أصاب بالمرض وأنا حامل، ولكن الحمد لله لم تحدث أية مضاعفات والآن أصبح عندي مناعة من المرض واطمأننت أكثر.
وفي نهاية جولة (الجزيرة) أدهشنا وجود بعض ممن يخجل من معرفة الناس بإصابته بالمرض أو أحد من أفراد عائلته، خوفاً من ابتعاد الناس عنهم وحذرهم من التعامل معهم. كما وجدنا أن الحالات المصابة كثيرة، والمتعافين من هذا الوباء كثر، والرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه أمرنا بالتوكل على الله، فمن توكل على الله كفاه، لذا علينا النظر للأمور بأمل وتفاؤل ولا نجعل للتشاؤم والإشاعات تأثيرا على معنوياتنا وممارسة حياتنا اليومية، مع أخذ الحذر والحيطة.