خلال زيارته الكريمة لمنطقة جازان وتفقده الخطوط الأمامية.. خاطب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قواته العسكرية بقوله: (إننا قادرون على حماية وطننا وشعبنا من كل عابث أو مفسد أو إرهابي أجير).. والإرهابي الأجير هو المجرم المُستأجر للقيام بعمليات القتل والتدمير نيابة عن الدول والتنظيمات، أو ما يُطلق عليه في العلوم العسكرية اسم (المُرتَزِق).
المرتزقة هم الجنود المأجورون لتنفيذ عمليات عسكرية مخالفة للأنظمة والقوانين من أجل المال.. أصبح المرتزقة، وهم في الغالب من محترفي القتال، أداة في أيدي القوى الأجنبية المارقة، والجماعات الإرهابية يستعينون بهم لتنفيذ عمليات إجرامية موجهة ضد الدول والجماعات والأفراد.
كثير من أفراد جماعة الحوثيين ما هم إلا مرتزقة إرهابيون تم تجنيدهم لتحقيق أهداف خارجية على علاقة بدول أجنبية.. أصبح الحوثيون مخلب القط لدول مارقة تسعى جاهدة لتقويض الأمن في المنطقة، وإشعال الفتن بين المسلمين.. أغدقت إيران ودول أخرى الأموال على قادة عصابة الحوثيين، ووعدتهم بمناصب دينية ينعم عليهم بها (الولي الفقيه)، وسيطرة سياسية تفضي إلى خلق دولة تابعة للحكومة الصفوية في إيران.. لم تكتفِ الدول المارقة بتجنيد مرتزقة الحوثيين وإرهابيهم، بل تجاوزتهم نحو القارة الأفريقية فاستغلت الفقر والعوز لتجنيد المرتزقة من المدنيين، وعصابات الإجرام، وبقايا الجنود.. تشير بعض المعلومات الصحفية إلى أن (مقاتلين صوماليين متورطون في القتال إلى جانب المتمردين الحوثيين في اليمن بدافع المال).. وتشير معلومات صحفية أخرى نُشرت في اليمن إلى أن (الصوماليين انضموا إلى جانب صفوف الحوثيين بعد إغراءات ومبالغ مالية).. مصادر أمنية صومالية قالت ل(الشرق الأوسط): (إن عشرات الانتحاريين وأسلحة عبروا خليج عدن إلى اليمن قبل أشهر، ويُعتقد أنهم انضموا إلى صفوف جماعة الحوثيين المتمردة هناك).. إضافة إلى ذلك فقد وجد الحوثيون في بعض اللاجئين الصوماليين في اليمن غايتهم، فجندوهم مستغلين فقرهم وعوزهم وحاجتهم للمال.
أغدقت إيران، وبعض الجهات الاستخباراتية الأموال على بعض الساسة، والعسكريين لضمان الولاء وخلق جيوب في بعض الدول الأفريقية لدعم توجهاتها في المنطقة.. بعض الدول الأفريقية المطلة على البحر الأحمر تمثل مراكز الدعم والمساندة لجماعة الحوثيين في اليمن.. سيطرة القوات البحرية السعودية على خطوط تمويل الإرهاب الرئيسة في البحر الأحمر خفض حجم الدعم المالي والعسكري من تلك الدول بنسبة تقرب من 80 في المائة.. إلا أن الحديث عن تسرب أسلحة متطورة للحوثيين، بطرق احترافية ما زال يشكل قلقاً، ويرفع أكثر من علامة استفهام.. ما زال بعض المرتزقة المحترفين يجدون طريقهم إلى مواقع الحوثيين، خصوصاً من العمق اليمني، إلا أن حركتهم باتت ثقيلة ما جعلهم أقل قدرة على حمل العتاد وتوفير الدعم بمستواه المعهود.. أصبح تركيز عصابة المتسللين منصباً على تهريب الأموال النقدية التي تُدفع لتجار السلاح في اليمن من أجل تزويد الحوثيين بالعتاد المطلوب.. المشهد الداخلي بات منقلباً بعد الضربات الموجعة التي وجهتها القوات السعودية للحوثيين المعتدين.. نجحت القوات المسلحة السعودية في تدمير مخازن السلاح التي كان من المفترض أن تمد الحوثيين باحتياجاتهم لأطول فترة ممكنة قبل تلقيهم الدعم الخارجي.. ونجحت قواتها البرية والبحرية والجوية في فرض الحصار على ممرات التهريب ما أدى إلى قطع الإمدادات الرئيسة.. حركة الحوثيين الأخيرة، ومحاولتهم التسلل من خلال الجوف اليمنية نحو نجران، ربما كشفت عن خسائرهم الفادحة في جبلي الدود ودخان، ومحاولتهم فك الحصار وتقليل الخسائر من خلال الانتشار في مناطق شاسعة، وإن كانت مفتوحة.. أو ربما كانت محاولة لتلقي الإمدادات عبر طرق بعيدة عن مناطق نفوذهم المحاصرة.
الجمع بين الحوثيين، الإيرانيين، ممثلاً في حزب الله، تنظيم القاعدة، والمرتزقة الأفارقة لا يمكن أن يُشكِّل دائرة العدو المكتملة!!.. فهناك عناصر أخرى داعمة لهؤلاء المعتدين ما زالت قابعة في مناطق الظل!. وبذلك يمكن القول بأن تلك العناصر مجتمعة تُشكّل فيما بينها كتيبة المرتزقة المؤتمرة بأوامر جهات أخرى أكثر شمولية وعداء لدولة الإسلام.. أي أننا نتحدث عن منهجية تجنيد المرتزقة واستغلالهم بطريقة يتحول معها المُجَنِدُون الرئيسون إلى مُجَنَدِيِن يتم توجيههم لتحقيق أهداف عليا أكثر شمولية وإيلاماً!.
من جهة أخرى، يمكن تسمية بعض مأجوري الإعلام العربي ب (المرتزقة) أيضاً، فهم مجندون لخدمة أهداف إستراتيجية على علاقة بالاعتداءات الأخيرة على الحدود السعودية.. المدقق للرسائل الإعلامية الموجهة يستخلص منها الكثير من المعلومات السرية، وربما الجهات الداعمة للحوثيين في عملياتهم العسكرية ضد الحدود السعودية.. ومثلما تحدثنا عن الأهداف المالية والسياسية في تجنيد الإرهابيين، فالأمر ينطبق أيضاً على الإعلام.. هناك من يقاتل في الساحة الإعلامية لدعم الحوثيين، وتبني وجهة نظرهم، وإظهارهم بمظهر المُعتَدى عليهم وهم المعتدون.. يتقاضى هؤلاء المأجورون مكافآتهم الضخمة بالدولار الأميركي من مُجَنِدِيهم في المنطقة، فتودع لحساباتهم في البنوك الغربية حيناً، أو تدفع لهم نقداً خلال زياراتهم المرفهة لبعض دول المنطقة.. ومرة أخرى فأولئك الإعلاميون المرتزقة، ومُجَنِدوهم وداعِموهم يُشكِّلون فيما بينهم، جماعة المرتزقة الخاضعة للسيطرة والتوجيه من جهات خارجية أشد عداء للإسلام والمسلمين.
بين مرتزقة الحروب ومرتزقة الإعلام، وعبدة المال الإيراني والاستخباراتي وخطط المنافقين، تُراق الدماء المعصومة، وتُثار الفتن، وتنتشر الكراهية والأحقاد بين الشعوب، وتُفرض الحروب على المسالمين الآمنين.. هؤلاء المرتزقة، برغم خطورتهم، ليسوا إلا حلقة في سلسلة أعداء الأمة، أما الحلقات الأخرى المُسيطرة والموجِهة، فلربما انشغلت عنهم في الالتفاف حول أهداف إستراتيجية تخريبية انفصالية، أكثر خطورة مما يُعتقد.. قال تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ).
****
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM