الجزيرة - عبدالله البراك
تتجه أنظار العالم اليوم للعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، حيث سيلتقي ممثلون من شتّى دول العالم للتوصل إلى اتفاق يسمح بالتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري وما تخلفه من كوارث متوقعة وتحتضن كوبنهاجن وفوداً سياسية من 192 دولة في قمة الأمم المتحدة للمناخ والتي ستستمر حتى 18 ديسمبر الجاري وأعرب المنظمون والمهتمون بالقمة عن رغبتهم في مشاركة أكبر عدد من قادة العالم في القمة لأخذ الالتزامات الضرورية من أجل حماية الكوكب والأجيال المقبلة.
وأكد أكثر من مئة رئيس دولة وحكومة مشاركتهم في المؤتمر وقبل انطلاقة القمة بحث الرئيس الأمريكي أوباما مع نظيره الفرنسي ساركوزي رئيسي الوزراء البريطاني غوردن براون والاسترالي كيفين رود ومع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل آخر تطورات المفاوضات ولاقت مشاركة الولايات المتحدة ترحيباً وقال ساركوزي إن مشاركة أوباما تعكس الأهمية التي توليها أمريكا لنجاح قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي. وأضاف: لا تزال هناك مسائل مهمة يجب بحثها من أجل التوصل إلى اتفاق وهذا القرار يعكس التزام الرئيس أوباما ببذل كل ما في وسعه من أجل التوصل إلى نتيجة إيجابية. وأعربت منظمة غرين بيس المدافعة عن البيئة عن ارتياحها لهذا القرار واعتبرت أن (كافة العناصر متوفرة الآن كي يمضي قادة العالم قدماً ويتوصلوا إلى اتفاق ملزم) يحد بنجاعة من انبعاثات غاز التدفئة. وقد بعث أوباما شيئاً من التفاؤل في العملية المؤدية إلى كوبنهاغن بإعلانه خفض الانبعاثات الأمريكية 17% بحلول 2020 مقارنة بـ2005م.
وقالت ألمانيا على لسان وزير البيئة أن الاجتماع سيكلل بالنجاح إذا ألزمت الدول المشاركة نفسها بقصر زيادة الاحتباس الحراري على درجتين مئويتين على الأكثر، وقال إن هذا هو الهدف من قمة كوبنهاجن، وحذر الوزير من العواقب التي قد تنجم عن فشل القمة، وقال: إذا استمررنا بنفس هذا الأسلوب الحالي فلن تكون الحياة على كوكبنا ممكنة.
وقال روبرت جيبس المتحدث باسم البيت الأبيض في بيان: (لا تزال هناك مسائل عالقة لا بد من التفاوض بشأنها من أجل التوصل إلى اتفاق ولكن لا تزال هناك تساؤلات حول مدى استعداد الدول الصناعية والاقتصاديات الصاعدة لخفض نسب الانبعاثات التي تصدر عنها وبدأت منظمة الأمم المتحدة العمل على اتفاقية تخص التغيرات المناخية عام 1990. وكان هدفها العمل لجعل كثافة الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مستقرة وبدأت القمة بالانعقاد بشكل سنوي منذ 1995 وتعقد هذه السنة تحت مسمى المؤتمر الخامس عشر للأطراف حول اتفاقية الأمم المتحدة والإطارية بشأن تغير المناخ ستضم أكثر من عشرة آلاف مسؤول سيشاركون في المؤتمر وتأمل الدول النامية في هذا المؤتمر إلى إيجاد معاهدة عالمية جديدة إلى إيجاد اتفاق لتمويل مجهوداتها لمواجهة الآثار الضارة للتغير المناخي. وأظهر استطلاع للرأي أمس أن قلق العالم إزاء التغير المناخي تراجع خلال العامين المنصرمين. وأظهر المسح الذي أجرته مؤسسة نيلسن لاستطلاعات الرأي وجامعة أوكسفورد أن 37% من أكثر من 27 ألف مستخدم للإنترنت في 54 دولة قالوا إنهم (قلقون جداً) بشأن التغير المناخي انخفاضاً من 41% في استطلاع مماثل قبل عامين. وقالت مؤسسة نيلسن عن الاستطلاع الذي أجري في أكتوبر الماضي (انشغال العالم بالتغير المناخي يفتر). وربطت التراجع بالتباطؤ الاقتصادي العالمي. وفي الولايات المتحدة تراجع عدد من تشغلهم تلك القضية إلى 25% من 34% وكانت الصين - أكبر مصدر للانبعاثات الغازية - من بين دول قليلة شملها المسح وارتفع فيها عدد من يشغلهم التغير المناخي إلى 36% من 30%.
وأوضح المسح أن القلق بلغ ذروته في أمريكا اللاتينية ودول آسيا والمحيط الهادي وعلى رأسها الفلبين حيث بلغت النسبة 78% ولم يغط الاستطلاع معظم إفريقيا.
تباينت آراء الخبراء حول اتفاقية التغير المناخي واتفقت على تفعيل والتعجيل بتنفيذ الاتفاقية دون تراخ أو تقاعس نظراً لأهمية عامل الوقت فالفائز بجائزة نوبل ر.ك. باتشاوري رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بدراسة تغير المناخ قال إن العمل الدولي بشأن التغير المناخي أصبح ملحا وضروريا وأنه لم يعد من الممكن أن تنشأ أي مناقشات جديدة بشأن الحاجة إلى العمل، وذلك لأن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بدراسة تغير المناخ ( IPCC )، قد أثبتت بالفعل أن تغير المناخ حقيقة واقعة لا لبس فيها ولا مجال للتشكيك فيها علمياً. من جانبه قال فاتح بيرول كبير خبراء الاقتصاد لدى وكالة الطاقة الدولية إن النمو غير المقيد في الطلب على الطاقة من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على المناخ أيضاً وقال بيرل إن ثلاثة أرباع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستأتي من الصين والهند، والشرق الأوسط.