غرس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - منهجاً إدارياً تطبيقياً في كسر قواعد الروتين البيروقراطي حينما أصدر قراره التاريخي حول فاجعة جدة، وكان الملك العادل كعادته رجلاً فوق مستوى الخطوب؛ حيث أرست التوجيهات الملكية الكريمة قواعد المساءلة وأسس المحاسبة، بغض النظر عن التقادم الزمني والاعتبارات الشخصية؛ فالفساد - بمفهومه الشامل - لا يقتصر على جانب واحد مثل الرشوة كمعنى واضح وفاضح بل يتعدى ذلك إلى كل إخلال أو تقصير في أداء واجبات الوظيفة العامة والقيام بمسؤولياتها، خصوصاً حينما يتحول المكلفون بخدمة المواطن إلى خدمة مصالحهم الشخصية والاعتقاد بأن الكرسي بوابة لخدمة الذات دون أدنى محاسبة أو مسؤولية, وفي قرار خادم الحرمين الشريفين إشارة واضحة وصريحة إلى أن قيادة هذه البلاد المباركة لا تتهاون ولا تتجاوز عن أي تجاوز لمصلحة الوطن والمواطنين، وقد أشار صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني وزير الداخلية إلى هذا الاتجاه في تصريحه ل(الجزيرة) أمس، مؤكداً سير أعمال هذه اللجنة لتقصي حقيقة ما حدث ومحاسبة المتسببين بها؛ ففاجعة جدة محطة مهمة ينبغي أن يستشعرها كل مسؤول ومكلف بخدمة الشأن العام والأرواح التي يتحمل وزرها كل من اعتقد أنه فوق حدود المساءلة والحساب قد أنصفت في وطن مهما أخطأ فيه المخطئون؛ فإن يد العدالة أقوى وأبقى.
***