Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/12/2009 G Issue 13583
الأحد 19 ذو الحجة 1430   العدد  13583
نوافذ
حدود الحلم
أميمة الخميس

 

هل الفساد شرط وجودي للبشر.. مرتبط بعمرانهم ومعيشتهم؟.. في القرآن الكريم ?وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء? (سورة البقرة 30).

وتعددت التفسيرات الحديثة لمصطلح الفساد: من كونه اعتداء على المال العام، أو عدم وجود فواصل وحدود قاطعة بين المال العام والخاص، أو قد يكون استثمار سطوة المنصب لتجييرها لمصلحة خاصة.

ومعضلة المجتمعات أمام الفساد بأنه مثل الفيروس قابل للتحور والتبدل والانسجام مع مجاله الحيوي بسرعة ماكرة وخبيثة، باستطاعته أن يبدل أرديته, ويتنكَّر في مختلف المشاريع ويلوح بعشرات الفرص المغرية، ومع الوقت ومع التراكم الزمني وغياب الشفافية وضعف آليات المحاسبة، يصبح صيغة وأسلوباً إدارياً متجذِّراً في المؤسسات الحكومية والخاصة، ومن الصعب التخلص منه بسهولة.

والحرب ضد الفساد التي يقودها الآن رائد الإصلاح الملك عبدالله -حفظه الله- يحلق بها بجناحين فقط.. الجناح الأول هو حالة جيشان ودعم شعبي عارم ضد الفساد، والجناح الآخر وسائل الإعلام التي بدورها عندما منحت الأسقف والمساحات مارست بعضاً من دورها الطبيعي في المراقبة والمتابعة والكشف.

ونتمنى أن تحط هذه الهمة الوطنية على قمة أخرى أكثر علواً في مسيرة الإصلاح، فنوعية المفردات وحمولتها المكتنزة الواعدة في (بيان جدة) الذي أعلنه خادم الحرمين ضد الفساد، تشرف بنا على مرحلة مختلفة من التساوي أمام المؤسسة العدلية وآليات المحاسبة. ومن هنا بتنا نحلم جميعاً بأن تكون هذه القمة التي وصلنا لها موطئ قدم مؤقت لقمم أخرى تلوح وتبرق في الآفاق، لغد وصالح ومستقبل الوطن، وعلى رأسها مؤسسة آليات الرصد والمتابعة والمراقبة عبر جمعيات أهلية مستقلة قادرة على ردع وتحصين الضعف البشري أمام فيروس الفساد. فلا يكفي هنا أن يخوض الإعلام هذه الحرب وحيداً، في وسط محيط لم يعد الإعلام خياراً وحيداً أو مصدراً أساسياً للمعلومة.. فكثيراً ما يستبدل بالمنتديات الإلكترونية وأحاديث المجالس، والتي في مجملها تقوم على التكهنات والتخرصات وغياب التوثيق. ومن هنا أعود وأثني على مطالب بعض من الزملاء الكُتَّاب مثل: (جمال بنون في جريدة الحياة.. ومحمد آل الشيخ من الجزيرة) في أن يكون هناك متحدث رسمي باسم لجنة التحقيق في ملابسات كارثة مدينة جدة يستطيع أن يمد جسور التواصل المستمرة بين الجمهور وخطوات عمل اللجنة كإعلان لمرحلة جديدة في الشفافية والحرب ضد الفساد. أيضا نطمح أن لا يكون هناك كبش فداء نلقمه للغضب الجماهيري ليهدأ مرحلياً، بل نأمل أن توضع كل الأدلة والبراهين والحقائق التي تتوصل لها اللجنة بين يدي السلطة القضائية، كسلطة مستقلة بقرارها عن كل من السلطة التشريعية والتنفيذية.

ما يخطو نحوه خادم الحرمين هو إرادة شامخة حتى تخوم الحلم، فنأمل أن نكون جميعاً بحجم الحلم والمسؤولية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد