Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/12/2009 G Issue 13583
الأحد 19 ذو الحجة 1430   العدد  13583
لما هو آت
حديث الماء..
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

الماء للإنسان حياة، كما هو لكل المخلوقات، وللماء صوت وكلمة، وللماء موقف وعبرة، وله صولات في لحظات الإنسان، بعضها تشجيه وبعضها تبكيه، وبعضها تفرحه وبعضها تحزنه، وفيها ما يعمُّه بالكدر وفيها ما ينبهه للحذر, وفيها ما يبشره، وفيها ما يفزعه، الماء الذي يطهره هو الذي يغرقه، والماء الذي يرويه هو الذي يطويه، ينساب من السماء رحيما، ويسقط بسطوته نذيرا, يصلي المؤمنون استسقاءً من جدب وعطش، ويسألون به الرحمة ورفع الغضب..

الماء الذي زار في الآونة الأخيرة.. فجر صمت الكوامن، وحرك حجارة فوق طاولة الشطرنج، قاد الماء معركته بين النور والظلمة وكشف عن خبيء الصامت وزخرفة السطوح وبريق الظاهر.. انبجست به الخبايا، وبلغ صوته المطايا، وذهب بخبره الركبان، وسيرت على أجنحته الجنائز..

الماء الذي يتغنى بلمعته الشعراء، ويطرب لزخاته الرحماء, ويهفو للمساته البؤساء، ويفرح لقطراته الأطفال، وتنتشي بصبيب غيماته الأشجار والأحجار.. والتراب والهواء، بكى من رهبته الضعفاء والأقوياء، وتيتمت به النساء والأطفال.. ورهبته الأرصدة، وركض بعيداً عنه السافرون أمام الغفلة، العزل من يقين رسالته، السادرون مع بهرجة الوقت وأهازيجه..

هذا الماء الجميل..

المطر العذب..

الغيم الموحي..

الجمال الفاتن..

جاء على غير ما من عادته..

كان أعلى صوتا

وأقوى سطوة..

وأكثر صدقا..

وأجلى مواجهة..

قال للحالمين رويدكم..

وللفرحين على رسلكم..

هناك ثمة غفلة عليكم أن تنهضوا من نعيمها..

وختم حديثه:

حتى أليق تماما بالحضور..




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد