Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/12/2009 G Issue 13583
الأحد 19 ذو الحجة 1430   العدد  13583
عاملات الحرم: لا شأن لنا بإقامة الحاجَّات
حاجَّات يُحوِّلْن الحرم إلى فندق مجاني.. وعمود الحرم ساتر للحاجَّات المقيمات

 

مكة المكرمة - مريم الزهراني

خلف أحد أعمدة بيت الله الحرام جلست وصديقاتها، تحيط بها كومة من الأغراض، سلَّمتُ عليها وجلستُ أتبادل معها الحديث.. الحاجة أم مصطفى (60 عاما) قدمت من مصر من الزقازيق، تسكن الحرم المكي لتؤدي مناسك الحج هذا العام.

أم مصطفى لا تتبع أي حملة؛ فهي مقيمة في الحرم، جاءت قبل شهر وعشرين يوماً، فقد وضعها ابنها بعد أن أدت العمرة، وعاد لعمله وزوجته بالرياض. تقول: أنا بقيت في بيت الله الحرام، واخترت هذا العمود لأقيم وراءه؛ لأنه يسترني قليلا حين أنام وأجلس.

سألتها كيف تعيشين هنا؟ أين تغيرين ملابسك مثلا؟ قالت: أغسلها بالمغاسل في حارات قريبة من هنا، وألبس ملابسي في دورات المياه، وهي ليست ببعيدة.أم مصطفى تقضي وقتها كل يوم بالطواف حول الكعبة مرتين يومياً، في كل مرة سبعة أشواط، وأخذ عمرة من فترة لأخرى، (اعتمرتُ عدة مرات، وأستعدُّ للحج بعدها لأغادر إلى بلدي).

الموظفات والزائرات يقدمن الضيافة

وأضافت: الحياة هنا حلوة، أقابل أناساً كثيرين، وأتعرف على أناس من مختلف الجنسيات والطبقات، والموظفات هنا بالحرم يقدمن لنا دائماً القهوة والضيافة، وحتى زائرات الحرم من سكان مكة يقدمن لنا القهوة والطعام، الحمد لله لم أشعر بالملل أو الوحدة هنا.

في هذا الوقت من السنة والزحام الشديد وانتشار الأمراض، خاصة وباء إنفلونزا الخنازير، تقول الحاجة إنها لم تتلقَّ أية تطعيمات، وهي غير خائفة من الموت (فلن يموت أحد قبل يومه، ولا أرى في جلوسي هنا ضرراً؛ فأنا أجلس في بيت الله، ولي في هذا المكان ما لأي مسلم؛ فأنا مسلمة، وهذا حقي).في هذه الأثناء جلست معنا إحدى صديقاتها (الحاجة انشراح 55 عاماً)، لم تطلعنا على اسمها الحقيقي؛ فقد أطلقت على نفسها (انشراح)؛ لأنها حسب قولها تحب الانشراح، وأوضحت أنها تقيم عند أقاربها في مكة (أنا أسكن عند أقاربي في مكة، ولكن أقضي معظم وقتي مع صديقاتي هنا، نصلي وندعو ونتعرف على المسلمات هنا، ونحضر الدروس، وقد أنام هنا أحياناً، أنا لا أفضل البقاء عند أقاربي؛ فظروفهم المادية صعبة، ولا أريد أن أشق عليهم). انشراح تقول إنها أخذت تطعيماتها حديثاً.أشارت انشراح إلى مجموعة من النساء معظمهن مستلقيات ونائمات، قالت: هؤلاء نسوة مغربيات حضرن من المدينة مع أخيهن، وهن يسكنّ الحرم منذ أسبوعين، ينتظرنّ الحج، وليس لهن أحد هنا.سلمتُ على المستيقظة منهن وتعرفتُ عليها، (فاطمة 22 عاماً) قدمت مع إخوتها وتريد الحج، فاطمة لم تحج سابقاً، ولم تتلق تطعيماً قبل ذلك.

وعن سبب سكنهن في الحرم أفادت بأن السبب مادي بحت؛ (فلا نستطيع أن نستأجر سكناً؛ فالغرفة الواحدة قد تكلفنا 150 ريالاً في اليوم).

فاطمة معجبة بعمل العاملات في الحرم، وتمتدح جهودهن (هن يجلسن معنا، ويقدمن لنا وللجميع النصح والتوجيه، وتقام محاضرات يومياً، ولا يوجد ما يعكِّر صفونا هنا).

مقيم في الحرم يعمل لتوفير قوته

وأشارت إلى أن عدد مَنْ يقيم بالحرم كبير (هنا بالجوار باكستاني وعائلته منذ أكثر من ثلاثة أشهر يقيم بالحرم؛ فهو لا يستطيع أن يستأجر سكنا، وهذا الرجل يخرج لقضاء بعض الأعمال التي تساعده في شراء احتياجات أسرته ثم يعود إلى هنا).

سعودية مقيمة هرباً من أسرتها

ومن خلال جولتي بين المقيمات في الحرم ذكرت الحاجات أنهن يعرفن سيدة سعودية، تسكن الحرم هرباً من أسرتها التي قد عانت منها كثيرا، واتهمتها اتهامات باطلة، فلم تجد خيراً من بيت الله لتأوي إليه، وتضيع وسط الزحام وتترك وراءها مجتمعاً - كما ذكرت - ظلمها وأساء إليه.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد