تحدث في بعض دول العالم بعض الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والبراكين، والأعاصير المصحوبة بالفيضانات، والأمطار المصحوبة بالسيول الجارفة، وحرائق قد تأتي على الأخضر واليابس.. فنحن لو نظرنا إلى هذه الكوارث الطبيعية والبيئية
لوجدنا أن بعضها مثل الزلازل والبراكين والأعاصير البحرية ليس للإنسان قدرة على منعها أو معرفة فعلية في زمن حدوثها أو حتى توقعه لوقت حدوثها، ولكن قد تكمن قدرته في استعداده لدرء أخطارها قبل وبعد حدوثها، أما الأمطار والسيول - وخصوصاً في المملكة - ففصلها معروف، واستخدام آلات الرصد ومعرفة الأحوال الجوية التي تعطي معرفة مسبقة قبل حدوثها تمكن الإنسان من تجنب الأخطار والأضرار المحتمل أن تنتج عنها... والذي يهمنا هنا هو ما حدث لمدينة جدة بسبب الأمطار والسيول من خسائر بشرية ومادية.. لقد حدث ما حدث، وقضي الأمر، ودمرت السيول ما دمرت، وأصحاب المسؤولية غافلون، ولكننا نقول: رب ضارة نافعة؛ فقد كشف المستور وكشف سوء التخطيط، وكشف معهما أشخاص حملتهم الدولة المسؤولية والأمانة في تحقيق الرفاهة والطمأنينة للمواطن في جدة، وذلك بتطوير جدة وبتوفير الخدمات الضرورية لجدة وأهلها ومدتهم بمليارات الريالات، ولكن بعضهم - مع الأسف - لم يقم بما أنيط به من مسؤولية وما وفر له من إمكانات، وقد يكون بعضهم قد استغل مركزه في أشياء معينة، إضافة إلى ذلك فقد بينت كارثة مدينة جدة جشع بعض من الناس؛ فاستغل مصائب الآخرين للاستفادة منها مادياً، يقال: إن بعض الناس رفع أجر المأوى والملاذ، والبعض طلب مبلغاً معيناً لإنقاذ غريق (؟).. والمضحك المبكي أن بعض الراسخين في علوم الجيولوجيا والأرصاد والبيئة ظهروا أو قالوا في وسائل الإعلام وهم يحاولون تحليل وتبرير ما حدث، وهم لم يعرفوا أن الأوائل كانوا يعرفون أين تقام المساكن بعيداً عن أخطار سيول الأودية والشعاب، ولم يعلموا حتى أن الضب يعرف أين يضع مكان جحره..
الحل الفعال بعدم تكرار ما حدث ومعرفة مَن كان السبب فيما حدث جاء من ملكنا عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين - أطال الله عمره -، وذلك حيث أمر بتحقيق واف وشاف عما حدث؛ حتى يحاسب كل مسؤول عن تقصيره وحتى يكون عبرة لغيره من المسؤولين في مدن وقرى المملكة المختلفة، وحتى لا تكون مصائبنا من نتائج أفعال بعضنا، وخصوصاً من حمل الأمانة والمسؤولية.