على وقع زخات مطر ذاب جبل الجليد فقتل البشر ودحرج الحجر، واقتلع الشجر ورسم بلون المأساة لوحة درامية تنطق خدودها الباكية والشاكية بمرارة الوقيعة، والواقعة.
كما أن لأسواق الأسهم حيتان متوحشة استلبت من المستضعفين البؤساء ما في جيوبهم وتركتهم للفاقة والعوز تاركين شكواهم وما حاق بهم ولحق بهم من ظلم لله.. فإن حيتانا متوحشة لا تقل عنها ضراوة وشراسة ابتلعت الأرض دون وجه حق.. وأقامت عليها مساكن مهددة بالاجتياح والغرق دون وجه حق.. في أكثر من موقع على مساحة وطننا الغالي وفي غفلة من الزمن.. كما لو أنها عزبة مباحة ومستباحة لا رقيب عليها.. ولا حامي لها.. ولا مسؤول عنها.
ما حدث في مدينة جدة هو الأول، ولن يكون الأخير بتداعياته وبمأساته.. إن القشة التي قصمت ظهر البعير.. ما لحق بأهلنا في جدة من ضرر كان جرحاً نلمسه بكل حرارة ومرارة في أعماقنا.. وإذا كان المثل يقول: (رب ضارة نافعة)، فإن ما أعنيه من نفع هو تلك الصحوة المسؤولة.. وتلك المسؤولية الحازمة والصارمة التي أشهر سيفها الملك الإنسان خادم الحرمين الشريفين لملاحقة اللاعبين والمتلاعبين بمقدرات هذا الوطن ومساءلة ومحاسبة كل من خان الأمانة.. واستباح وأباح لنفسه حقاً ليس له طمعاً وجشعاً على حساب غيره.. وقد أمِن العقاب فأساء الأدب.
هذا السيف العادل الذي أشهره الأب العادل يجب ألا يُعاد إلى غمده قبل أن يعود الحق والمستحق إلى أهله آخذاً في الاعتبار أن لا أحد فوق المساءلة والمحاسبة.. أياً كان.
إن فجراً جديداً من الإصلاح والصلاح يجب أن ينجلي.. وإن عصراً جديداً من الشفافية والنزاهة والوضوح يجب أن يشرق بنوره على هذا الوطن الغالي.. وإن درساً مستفاداً مما حصل يجب أن يشعر اللاعبين والمتلاعبين أن لا عودة للعبث وللفساد.. وللمشاريع الفاشلة.. التي تستنزف دخل هذا الوطن بشكل لا تؤمن له سلامته.. وسلامة أبنائه.. ودعامة بنيته.. ونزاهة مقدراته.
شكراً أبا متعب.. لقد أعدت إلينا حلماً طالما كنا نحلم به.. أعدته قولاً في قرارك الصارم والحازم.. وعلى ثقة لا يرقى إليها الشك أنك ستعيده عملاً جاداً وجيداً نلمسه على أرضية الواقع تطيب له أرواح الذين رحلوا. وجراح الذين افتقدوا مدخراتهم.. ونحن معهم بكل جوارحنا وبوارحنا.. لأننا أهل جرحنا واحد وفرحنا واحد أعانك الله.. وثبت على العدل والخير والمحبة أقدامك.. ووفق اخوتك والمسؤولين في هذا الوطن لما فيه صالح هذا الوطن.. ورفاهية أبنائه..
اللهم فاستجب.. آمين..