الجزيرة - محمد بدير
توجس الخبير الاقتصادي المغربي الدكتور عمر الكتاني من هيمنة التدبير الغربي غير الإسلامي للمصارف الإسلامية، مما سيسقط العالم العربي والإسلامي في استعمار اقتصادي جديد، ولكن بوسائل وأموال إسلامية، في ظل التخوف في الإشكالات التي يولدها الإقبال الغربي على المصارف الإسلامية مع وجود رفض سياسي لدعمها في العالم العربي والإسلامي والخطاب العربي بعد انتشار البنوك الإسلامية في الغرب الذي يكتسي طابعا ساذجا على العموم.
وحول قراءته لظاهرة الانفتاح الغربي على الاقتصاد الإسلامي، ضرب مثالاً للانفتاح الفرنسي، فقال إن هناك قراءتين إحداهما إيجابية والأخرى سلبية. أما الأولى فيدل انفتاح فرنسا على الصيرفة الإسلامية على اعتراف من لدن الدول التي تعادي سياسياً النظام الاجتماعي الإسلامي بأن البنوك الإسلامية تقدم دورا أساسيا في المحافظة على النظام المالي. ويدل على هذا أن المؤسسة المالية الغربية أصبحت تعترف بنجاعة المؤسسة المالية الإسلامية ووجودها كبديل للنظام المالي الغربي، ولكن لا يصل هذا الاعتراف إلى حد تشجيع هذه المؤسسات لتكون بديلة للنظام الربوي والمضاربي الغربي، إذ هناك لوبيات بما فيها اللوبي اليهودي تريد استمرار النظام الليبرالي المبني على الفائدة، ولن تأخذ بالنظام الإسلامي البنكي إلا باعتباره عنصر حماية للنظام الليبرالي الربوي، أما من الناحية السلبية، فالخطاب العربي بعد انتشار البنوك الإسلامية في الغرب يكتسي طابعا ساذجا على العموم، والسؤال الجوهري هو من يملك هذه المؤسسات المالية في الغرب؟ وهل سيكون مصدرها مشاريع استثمارية يملكها الغربيون؟
وبين الكتاني أن هناك ثلاثة عناصر تفسر الاهتمام المتزايد لدى الدول الغربية بالاقتصاد الإسلامي: العنصر الأول يكمن أساسا في نجاح المؤسسات المالية الإسلامية وانتشارها وتوسعها في العقد الأخير، حيث عرفت هذه المؤسسات نموا قدر بـ 15%سنويا في حجم معاملاتها، بالإضافة إلى نسب أرباح تتجاوز 10% سنويا.
والعنصر الثاني هو إلمام بعض المصادر الاقتصادية الغربية بخصوصيات وإيجابيات المؤسسات البنكية الإسلامية، بل وتخصص بعض مكاتب البحث الدولية مثل (إرنست إند يونغ) في إنشاء وتنمية البنوك الإسلامية اعتمادا على خبراء في المالية من مختلف دول العالم من أميركا اللاتينية، وأميركا الشمالية، والعالم العربي والإسلامي وإنجلترا (مثل الخبير دافيد فيكاريي، الذي أسلم وسمي بعبد الله).
والعنصر الثالث هو عمق الأزمة المالية العالمية وتشخيص أسبابها في المعاملات الربوية من جهة، والمضاربات في سوق البورصة من جهة أخرى، حيث تولد الإيمان بأن الأزمة سببها الانفصام الموجود بين الاقتصاد والإنتاج الحقيقي والاقتصاد المالي، الشيء الذي ترفضه أساسا شرعا وتطبيقا المعاملات المالية الإسلامية.