كان من المتوقع أن تُركز زيارة خادم الحرمين الشريفين لوحدات القوات المسلحة المرابطة على جبهة حدود المملكة الجنوبية، على تفقد القوات المسلحة ومشاركته لهم فرحة العيد، وفرحة النصر على المتسللين المعتدين. الزيارة الملكية الكريمة شكلت الدعم الأبرز للقوات المسلحة في حربهم ضد عصابة الحوثيين والمرتزقة،
وتجاوزت في مضامينها الدعم والمؤازرة والإشراف المباشر إلى تباشير التنمية والبناء. عندما تُفرض الحرب فلا مناص من مواجهتها، والمملكة لم تشأ أن تكون في ذلك الموقف لولا اعتداء المتسللين على حرمة أراضيها، والأنفس المعصومة.
كان من المتوقع أن تُركز زيارة خادم الحرمين الشريفين لوحدات القوات المسلحة المرابطة على جبهة حدود المملكة الجنوبية، على تفقد القوات المسلحة ومشاركته لهم فرحة العيد، وفرحة النصر على المتسللين المعتدين. الزيارة الملكية الكريمة شكلت الدعم الأبرز للقوات المسلحة في حربهم ضد عصابة الحوثيين والمرتزقة، وتجاوزت في مضامينها الدعم والمؤازرة والإشراف المباشر إلى تباشير التنمية والبناء. عندما تُفرض الحرب فلا مناص من مواجهتها، والمملكة لم تشأ أن تكون في ذلك الموقف لولا اعتداء المتسللين على حرمة أراضيها، والأنفس المعصومة.
الحرب على عصابة الحوثيين، المرتزقة، والإرهابيين خلفت الكثير من المشاكل الميدانية لقاطني القرى الحدودية؛ فأسكنتهم مراكز الإيواء المؤقتة التي اجتهدت الدولة في استكمال خدماتها الضرورية، وتوفير الرعاية الشاملة لهم. الحرب والتنمية ضدان لا يمكن الجمع بينهما، إلا أن الملك عبدالله وبحسه الإنساني نجح في التعامل معهما بحرفية خلال زيارته الأخيرة لمنطقة جازان. لم يكتفِ الملك عبدالله بتفقد القوات المسلحة، وزيارة الخطوط الأمامية وتحقيق متطلبات الدعم المباشر للمرابطين، بل سعى جاهداً لمعالجة أوضاع النازحين المتضررين بتكفله بإنشاء 10 آلاف وحدة سكنية بديلة لمناطق الإيواء الحالية، وتوفير كافة المرافق لها من مساجد ومراكز صحية ومدارس.
عشرة آلاف وحدة سكنية ربما استوعبت جميع النازحين من القرى الحدودية القاطنين في مراكز الإيواء الحالية، والمجمعات السكنية، إضافة إلى سكان القرى الحدودية الأخرى؛ إذاً فالقرار يدفع نحو تشييد مدينة نموذجية متكاملة الخدمات ربما كانت البديل الأمثل لهؤلاء النازحين. الصور الأولية التي بثتها وسائل الإعلام السعودية للنازحين كشفت عن قصور التنمية، وتدني مستوى المعيشة في القرى الحدودية؛ ما يرفع أكثر من علامة استفهام حول أداء الوزارات الخدمية، الاجتماعية، وخطط التنمية التي يفترض أن تكون أكثر اهتماماً بالمناطق الحدودية البعيدة مقارنةً بالمدن الأخرى. كنت قد كتبت حول إستراتيجية تنمية المناطق الحدودية، وضرورة الاهتمام بها على أساس أنها خط الدفاع الأول أمام غدر المعتدين والمتسللين. خلق مدن حدودية أكثر قوة ومنعة عادة ما يكون جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجية الدفاع الشاملة، وهو ما أحسبه جزءاً رئيساً من مضامين القرار الملكي الكريم.
بعض المعلومات الأولية تحدثت عن إمكانية إنشاء المدينة بالقرب من المراكز الحدودية الحالية، وهو أمر قد يتعارض مع النظرة الإستراتيجية الشاملة على أساس أن نزوح سكان القرى الحدودية كان بسبب ملاصقتها الحدود وتعرض قاطنيها لهجمات المتسللين والمعتدين، في الوقت الذي تستدعي فيه الخطط الأمنية المحكمة تفريغ المناطق الحدودية المُعرضة للعمليات العسكرية من سكانها؛ وبذلك ربما كان تشييد المدينة المقترحة بالقرب من مدينة جازان، في العمق السعودي، وبعيداً عن الشريط الحدودي، أكثر أمناً وتحقيقاً للأهداف الإستراتيجية.
(مدينة الملك عبدالله الحدودية) يجب أن تبنى وفق المخططات الحضرية الحديثة، وأن يأخذ القيمون عليها في الحسبان احتياجات الأسر الحالية والمستقبلية، وأن تكون نماذج المساكن المقترح تشييدها متوافقة مع المواصفات العصرية الحديثة، وألا يتسبب زمن الإنشاء القصير نسبياً، في الإضرار بنوعية البناء والتصاميم الهندسية. لتكن (مدينة الملك عبدالله الحدودية) في جازان مدينة نموذجية عصرية مشيدة وفق رؤية إستراتيجية تحقق الأمن والرخاء للوطن والمواطنين، وتدفع نحو استكمال إستراتيجية تنمية المدن والقرى الحدودية في مناطق المملكة كافة.
الضواحي الحدودية النموذجية
في مقالة سابقة تحدثت عن جهود أمراء المناطق الإغاثية، والمؤسسات الخيرية، ومنها (إسكان الملك عبدالله لوالديه الخيري) وجمعية برنامج الأمير فهد بن سلطان الاجتماعي، ومؤسسة الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي الخيرية، وجمعية البر في أبها، وهي جهود مباركة أسأل الله أن يبارك في القيمين عليها وأن يرزقهم الأجر والمثوبة.
اليوم نحن أمام تبرع سخي من الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، أمير المنطقة الشرقية، الذي أمر بتشييد 200 وحدة سكنية للأسر التي تم إخلاؤها من مساكنها بمنطقة جازان، إضافة إلى المرافق الخدمية المساندة. مشاركة أمراء المناطق، رجال المال والأعمال في إغاثة النازحين وتشييد المباني السكنية البديلة، باتت أمراً ضرورياً ومكملاً لجهود الدولة حفظها الله. تبرع الأمير محمد بن فهد يمكن أن يشكل نواة لمدينة حضرية أخرى، أو ضاحية ضمن مدينة نموذجية يشارك في استكمالها رجال المال والأعمال والشركات الوطنية حيث ما زلنا ننتظر مساهمتهم الفاعلة في إغاثة النازحين، وبخاصة بناء الوحدات السكنية البديلة. أقترح تسمية الضواحي الجديدة بأسماء المتبرعين، ولتكن ضاحية الأمير محمد بن فهد الأولى ضمن (مدن الملك عبدالله الحدودية النموذجية) التي نأمل في نشرها وفق رؤية إستراتيجية أمنية تنموية في جميع المناطق الحدودية، وبخاصة جازان، نجران، الخرخير والمناطق الشمالية.
***
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM