أُكبر كل امرئ يؤدي عمله بإخلاص وإتقان، ويزداد إكباري لأولئك الذين يتواجدون في الميدان كرجال الأمن الذين يعملون بالشوارع وعلى الحدود والثغور والمطارات والبوابات.. إنهم يقومون بمسؤولياتهم في ظروف وأجواء صعبة، بل يُعرِّضون حياتهم للخطر من أجل خدمة الوطن وأبنائه بخلاف من يعملون وهم في مكاتبهم وكل وسائل الراحة والأمن موفرة لهم.
|
ذات عام كتبت عن رجال الأمن في الميدان وعدم تقدير بعض الناس لعملهم، بل وتضايقهم عندما يوقفونهم في نقطة تفتيش أو مدخل مطار، أو مكتب جوازات، وأشرت في ذلك المقال إلى موقف حصل لي، فقد كنت ذات ليلة وفي حوالي الساعة الواحدة والنصف ليلاً في أحد شوارع الرياض، وكان هناك في الطريق (نقطة تفتيش)، وعندما اقتربت من رجل الأمن أشار لي بيده ألا أتوقف، وهو يقول بأسلوب حميم وبلغة راقية: (تفضَّل يا الغالي): وأجزم أن هذا ليس خاصاً بي فهو -وقتها- لا يعرفني، وهو لم يوقفني، لأن مهمته إيقاف سيارات معينة، أو أشخاص محددين.
|
إنني أُحيي هذا أمثال العسكري المرابط بمثل تحيته إن لم استطع أحسن منها فأقول له: وأنت سلمت أيها الغالي، وأتوقف هنا عند نقطتين مهمتين:
|
الأولى: سعادتي بهذا الأسلوب الراقي، وهذا الكلم الطيب من رجل الأمن وهو يخاطب به الآخرين.
|
الثانية: وهي -الأهم- أن بعضنا يتضايق عندما يمر بنقطة تفتيش ويقف لحظات فنجده ينزعج، ألا يدرك هؤلاء أن مثل هذه الوقفة، وهذه النقاط من التفتيش إنما هي لصالحهم، وصالح أمن وطنهم، ولو عقل (المنزعج) لارتاح وسعد بذلك واطمأن لهذا العمل.
|
وكيف يتضايق الواحد منا وهو جالس مرتاح خلف مقود سيارته في جو مكيف وأريكة مريحة لا تطاله شمس ولا يزعجه حر ولا برد، بينما رجل الأمن الذي يقف أمامه في الشارع تحت لهيب الشمس، أو وسط صقيع الشتاء، وقبل ذلك وبعده يعرض نفسه للخطر وهو صابر يؤدي رسالة من جانب وينال نصيبه المالي من خلال عمله.
|
|
تحية لهذا الضابط ولكل إخوته من رجال الأمن في طرق هذا الوطن وفي بوابات أجهزته وفي صحرائه وشواطئه وفوق جباله وعلى سهوله.. هؤلاء الرجال الذين يحرسون سنابل هذا الوطن ليبقى مثمراً لنخيله، مضيئاً بمناراته، سعيداً كابتسامات أطفاله. و: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا).
|
|
|
لا تزيدك معرفتك بغيرهم سوى المزيد من الحب لهم، والإعجاب بهم، والاقتراب أكثر منهم.
|
إنهم جواهر صافية صفاء سماء الشرق.. نقية نقاء مياه الغدير، عذبة عذوبة مياه الأمطار..
|
|
ولا أكمل.. فالصمت هنا أجدى..
|
|
ولا تُلزمنَّ الناس غير طباعهم..!
|
في تراثنا العربي (الشعري) حِكم جميلة ينتزعها قائلوها من واقع ممارستهم للحياة ومعاناتهم مع البشر.
|
واقرأوا هذا الرأي الحكيم الذي من آمن بمضمونه، واستطاع أن يأخذ به، أراح واستراح:
|
(فلا لا تُلزمنَّ الناس غيرَ طباعهم |
فتتعبَ من طول العتابِ ويَتعبوا) |
|
ولكن من يستطيع أن يفهم هذه الطبيعة البشرية. والمثل الشعبي البسيط والصادق يقول: (حرّك جبل ولا تحرّك طبع)..!
|
وفي هذا العصر أصبح هدّ الجبال ومساواتها أمراً ميسوراً جداً. لكن تغيير طبع الإنسان هو الصعب والعسير الذي تعجز عنه كل آليات الدنيا، إلا من هدى الله.. وقليل هم.
|
|
|
للشاعر اليمني عبدالعزيز المقالح:
|
|
حين اخترتُ الحرف فضاءً وجناحا
|
أطلق قلبي في ملكوتِ الذكرى
|
|
عن نفق مسجَون يرسم لليل صباحا؟
|
|
فانسكب الحرف على دربي شوكاً وجراحا)
|
فاكس 4565576 |
|