مع الإقرار بالتعاطف الإنساني مع أهالي ضحايا سيول جدة، ومع التذكير بأن الشعب السعودي شعب متماسك كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, كما ورد في الحديث الشريف، وكمثال معاصر لما يجب أن يكون عليه المجتمع المسلم، ولهذا فقد تفاعل وتعاطف كل السعوديين مع ما حدث وتسبَّب في كارثة سيول جدة، وبنفس حجم التعاطف، تفاعل الشعب السعودي مع الأمر الملكي الذي عالج أسباب الكارثة وتضمن قرارات عديدة ضمدت جراح أهالي جدة وأرست نهجاً وأسلوباً للعمل لمعالجة الفساد ووقف الإهمال واستباحة المال العام؛ ولذلك، فقد لهج الشعب السعودي جميعاً بالشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان كعادته وفياً لنهجه العادل الإصلاحي والمنحاز دائماً مع مصالح الأمة، وأميناً لمسؤولياته الشرعية والرسمية، فبعد يوم واحد من انتهائه من مهام الإشراف على ضيوف الرحمن، وقبل أن يغادر الحجاج إلى ديارهم جاءت قراراته - حفظه الله - لتؤكِّد لأسر الضحايا أولاً، ولأهل جدة ثانياً، وللمواطنين وكل الذين يعيشون على أرض هذه البلاد المقدسة ثالثاً.
إن الحقوق هنا مقدسة ومحفوظة، وأن الحقوق ليست فقط بمواساة أسر الضحايا وتقديم المساعدات المالية السخية الفورية، بل أيضاً في الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة والمال العام بالتحقيق في أسباب هذه الكارثة ومسببيها سواء بمد اليد إلى المال العام أو قبول الرشاوى لتمرير مخططات تجلب الموت للسكان.. أو الإهمال المتعمَّد.
ولهذا، قرارات الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تعد مفصلاً تاريخياً في تاريخ المملكة، فهي مواجهة صريحة ومكشوفة وحرب شعواء على الفساد وأهل الفساد.
هذه المرة كشفت كارثة جدة المستور وعجّلت بإجراءات حازمة وحاسمة ستكون عنوان العمل في المملكة، عنوان عريض يتخندق كل شعب المملكة خلف قائدهم وملكهم (القضاء على الفساد والمفسدين) لتنظيف المملكة، وجعلها نموذجاً مثلما كل القضايا والمواضيع التي امتدت إليها يد الإصلاح والتي شمَّر الملك عبدالله بن عبدالعزيز يده لتعديل دفة التنظيم والإصلاح واجتثاث كل ما من شأنه أن يعرقل مسيرة التنمية كالفساد والرشاوى والإهمال واستغلال المال العام.
معركة كان ينتظرها السعوديون، فكان ملك الإصلاح في الوقت المناسب، وجاءت كارثة سيول جدة لتوفر المكان المناسب لإطلاق الحرب على الفساد واجتثاثه لتخليص أرض المقدسات من الفاسدين والمرتشين وسماسرة العقود والمتواطئين مع شركات المقاولات الفاسدة. وواجبنا كمواطنين أن نساند حملة الحرب على الفساد وأن نسند جهود قائدنا وملكنا الذي يعمل من أجل وطن نظيف ومواطن مخلص يعمل من أجل أهله جميعاً، وليس المفسدين الذين يعملون من أجل تضخيم ثروتهم، حتى وإن جاءت عن طريق الحرام.
***