Al Jazirah NewsPaper Friday  04/12/2009 G Issue 13581
الجمعة 17 ذو الحجة 1430   العدد  13581

نوازع
عودة الأمير سلطان
د. محمد بن عبد الرحمن البشر

 

يعود الأمير سلطان إلى المملكة أو يعود الأسد إلى عرينه، يعود حاتم إلى قومه، أو يعود الكرم إلى ميدانه، يعود بعد شفاء تام، فقد عرفته عن قرب كما عرفه غيري، فحمداً لله على كل حال وفي كل حال، فمثلُ الأمير سلطان يترك طول غيابه في القلوب فراغاً، وعودته تملأها بهجة وسروراً، ومحبة الناس تُزرعُ زرعاً وتَنْبتُ نبتاً من خلال حسن التعامل والعطف، والكرم، ولطف المعشر، ولين العريكة، وهكذا سلطان مدة حياته جبلَّة جُبلَ عليها.

وأقول: إن الناس يرتاحون إلى لقائه، ارتياح العليل إلى شفائه، فتشرعُ الأبواب ويستأذنُ الحجاب، للسماح لهم بالسلام، ولإظهارهم الإكرام، وكأنهم يقولون قول الشاعر:

وما زلتُ أرجو في الزمان لقاءكم

فقد يسَّرَ الرحمنُ ما كنت أرتجي

فذكركم مازلت أتلوه دائماً

إذا ذكروا ما بين سلمى ومُنعج

وأنقل قول المغاوري بتصرف:

كيف حال الأمير من شكواه

فرج الله ما به وشفاه

وأتانا به الإله صحيحاً

ساحب الذيل في برودِ قواهُ

وكفاه الإله كلَّ سَقام

حسبهُ الله شافياً وكفاهُ

فالحمد لله مجيب دعوة السائل، ومتقبل الوسائل، ومتيح النعم الجلائل، فللأمير سلطان نرجو المتاع الدائم الطائل، والنعيم الحائل، فسلطان يدعو له الراجع والساجد، والذاكر والعابد، والعالم واللفيف، والأرملة والضعيف، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا يخيب لمن أخلص الرغبة إليه أملاً.

والأمير سلطان قلوب الناس على حبه لها اتفاق، وعناية الله عليه مديدة الرواق، وأياديه الجمة في الأعناق، ألزمُ من الأطواق، وأحاديث خيره سمر النوادي وحديث الرفاق. المواطنون في المملكة والمقيمون على حد السواء يعرفون خلال الأمير سلطان، ويعلمون جبلته التي جبل عليها من حسن الخلق، وندى الكف، ولذا أحبوه، وعندما غاب فقدوه، وهم أسعد الناس بعودته وأكثرهم إلى لقائه.

لن أتحدث عن سيرته الذاتية العملية فهي معلومة لدى الجميع وآثارها واضحة المعالم، لكن تلك السيرة تتعدى النواحي الدفاعية والعسكرية إلى الكثير من اللجان والمهام المدنية قبل توليه ولاية العهد وبعدها، ولذا فإن ما قام به خلال مدة عمله المديدة، كانت وما زالت واضحة فيما وصلت إليه المملكة.

كنت في منتصف هذا الأسبوع في مجلس مع أحد الشعراء البارزين، فذكر في الأمير سلطان شعراً جميلاً، وقولاً بليغاً، وروى من شعر غيره، ما هو دون ما قال وفوقه، فسألته عن سلطان شعره كيف أتى ومتى يأتي، ولماذا يأتي؟ فقال عندما يحس القلب بالإحساس، وتشعر بفك الاحتباس، ويكون القول في من يحبه الناس، ينطلق الشعر من عنانه، وتطرب النفس، فتأمر اللسان بأن يعبر عن مكنونها فيحضر سلطانه ليقول قولته في الأمير سلطان، سلطان هذا الزمان.

ويعود الأمير سلطان، بجانبه الأمير سلمان، وما عساي أن أقول في هذا الإنسان، قبل قولي الأمير سلمان، فعن قرب عرفته، وعرفت جلالة قدره، ودماثة خُلقه، وسهولة معشره، عالم بأنساب العرب، وملم بشوارد الأدب، حجة في التاريخ، لا سيما تاريخ جزيرة العرب، لا يسمع لواش، وللشر متحاش، حديثه فوائد، واستدلاله قلائد، إن قال دلل وإن رأى عللَّ.

يعيد الله سلطان الخير سالماً، وبجانبه أخوه سلمان، فالحمد لله وحده والشكر والثناء للشافي المعافي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد