Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/12/2009 G Issue 13579
الاربعاء 15 ذو الحجة 1430   العدد  13579
إرادة الملك الصالح
عبدالوهاب القحطاني*

 

ماذا عسانا أن نقول عن الأمر الملكي الكريم الذي أصدره مساء أمس الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.. فقد كان بكل المقاييس قراراً حازماً، وتاريخياً، وإنسانياً، وشجاعاً.. قراراً يعد الأقوى من ملك صالح اؤتمن على شعبه وعلى مملكته.. يقضي بتكوين لجنة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسباب فاجعة جدة.

لقد كانت صرامة القرار وبلاغته ودقته وإنسانيته ترجمة حقيقية لبعض ما يتصف به هذا الملك الإنسان.. لقد تطيبت النفوس بفعل هذا القرار برائحة النفس الشريفة النقية لملكنا الصالح حفظه الله الذي فاض بالإخلاص والحب لخدمة أبناء شعبه ومعبراً لهم بصدق عن حزنه على الشهداء.

مثل هذا القرار الشجاع لا يأتي إلا من قائد في حجم ومكانة عبدالله بن عبدالعزيز.. إذ وجه من خلاله رسالة لمن لم يكن الإخلاص وحب الوطن ديدنه من المسؤولين السابقين فإن المحاسبة آتية لا محالة، ورسالة أخرى لكل مسؤول ولكل جهة تمارس عملها حالياً من أنه لابد أن تضعوا نصب أعينكم أنكم محاسبون فلجان التحقيق والتأديب قد باتت الآن مفعلة في عصر عبدالله بن عبدالعزيز، وستكون في انتظار المسيئين لهذا البلد ومواطنيه والمقيمين على ترابه، وأن الجميع مطالبون باستشعار مسؤولياتهم أمام الله قبل كل شيء.

ها هو أبو متعب يسجل بأحرف من نور السبق في تفعيل مثل هذه اللجنة التي نأمل لها إن شاء الله أن تكلل الله جهودها بالنجاح.. خصوصاً أن ولي الأمر قد منحها كل الصلاحيات ولم يقيدها بأدنى شرط يحول دون تنفيذها لمهامها ووصل سقف صلاحياتها إلى أنه يحق لها أن تستدعي من تراه (كائناً من كان)، وأن تُفتح لها الملفات والأدراج والحسابات والبيانات.

قرار ملكي كان بمثابة صرخة مدوية وسيف عدل رفعه الملك العادل الصالح للقضاء على الفساد، واستئصال بؤره بلا هوادة لمحاسبة المقصرين، فمثلما رأيناه رعاه الله يكفكف دموعه حزناً على أطفال شهداء الواجب، ويضمد جراح اليتامى والفقراء، ويداعب أبناء شعبه كباراً وصغاراً وينثر الورود والفل على رؤوسهم.. ها هو نفسه يُظهر حزمه وقوته بأن لا مكان للمتلاعبين بيننا بحقوق الوطن والمواطن.

القرار بالنسبة لنا، ولنعلنها بصدق حمل لغة خطاب جديدة لم نعهدها من قبل.. إذ أسس هذا الأمر الملكي في تقديري لمرحلة أخرى جديدة من الإصلاح، وفتح لنا شمس الوضوح لتدلف إلى جميع مكاتب المسؤولين المؤتمنين على حقوق الدولة والشعب ولتتوغل في أدراجهم السرية للقضاء على الفساد أياً كان حجمه ومصدره.

إن هذا الملك الصادق ما عهدناه إلا رؤوماً ومحباً لكل وطني مخلص على ثرى هذه البلاد المقدسة، وغيوراً على حياتهم ومصالحهم وعيشهم وسط مجتمع الشرفاء والأنقياء.

ها هو رعاه الله يجسد لنا بالأمس ما عجزنا عن استيعابه طوال الأيام الماضية بحكمته الرفيعة وشهامته التي عرفناه عليها، وبمسؤولية ولي الأمر المسؤول أمام الله عن أمته.

رحم الله شهداءنا من غرقى سيول جدة، ونشاطر أهاليهم مصابهم الأليم، وحفظ الله لنا ملكنا الصالح زعيم الإصلاح والإنسانية.

* نائب رئيس التحرير



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد