يا أهل جدة: إن مصابكم هو مصابنا وآلامكم هي آلامنا، ندرك الحالة التي تعيشونها والمأساة التي تمرون بها.. فقلوبنا معكم ودعاؤنا لكم.. مهما بلغ المصاب ومهما عظمت المأساة.. فإنها تهون!!.. نعلم أن هناك أنفساً أزهقت وأموالاً أتلفت وممتلكات دمرت، والحمد لله على كل حال، ومع ذلك تهون عندما ننظر لها بميزان أرحم الراحمين الذي رفع من شأن البلاء وامتدح الصابرين عليه بقوله: ?وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إليه رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ?. نقول هذا ليس من باب رفع اللوم عن الجهات المسؤولة أو وضع الأعذار لها؛ ولكن من باب تخفيف المصاب واحتساب البلاء.. نعم إنها كارثة ومأساة، ولكن الذي ينظر بميزان الله وأقداره يعلم أن هذه الحياة بما فيها من أمور قد يكرهها الإنسان ولا يرغب بها لا يحكم على ظواهرها بنظره القاصر فطالما اختلطت الأفراح بالأتراح وامتزجت المنح بالمحن واعتصرت الآمال بالآلام.. يا أهل جدة: إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم وإن البلاء لا يزال بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة. وأذكّركم بأن هذه الأنفس التي أزهقت هي بإذن الله في منزلة الشهداء عند ربهم يرزقون، فالنبي صلى الله عليه وسلم عدَّ الغريق من أمته من الشهداء في سبيله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.. وقد أكّد الله أن ابتلاء الناس لا محيص عنه حتى يأخذوا أهبتهم للنوازل المتوقعة. فلا تذهلهم المفاجآت ويستكينوا لها: ?تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ?.