Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/12/2009 G Issue 13579
الاربعاء 15 ذو الحجة 1430   العدد  13579

إنسانية ملك..
حمَّاد بن حامد السالمي

 

- منذ ظهيرة يوم الأربعاء الحزين، وأنا أتابع تقارير وأخباراً وصوراً فاجعة (سيل الربوع)، الذي دهم مدينة جدة من مشرقها، فاكتسح في طريقه البشر والحجر، حتى رأينا بأم أعيننا، كيف لجأت عائلات فجعة فزعة، إلى أسطح المنازل، وهي تصرخ وتستغيث، وترقب طوفان الماء الذي أحاط بمساكنها، وأخذ يؤزها من أسفلها، ويهزها من أطرافها، وكأنه يحفر تحتها لاقتلاعها، ومن ثم سحبها إلى حيث يريد هو، لا ما يفترض أن تريد مصالح المياه والصرف وأمانة جدة.

- لم تقف في طريق (سيل الربوع) الجداوي، لا الكباري المعلقة، ولا طرق الأسفلت والأرصفة، ولا السيارات الكبيرة والصغيرة. آلاف السيارات تهشمت وتحولت في ساعات قليلة، إلى تنك بعضه فوق بعض، وعشرات الناس ممن أوقعتهم حظوظهم السيئة في طريق السيل الغاضب، فقدوا أرواحهم، فبكاهم أهلهم من آباء وأمهات وبنين وبنات. رحمهم الله، وألهم أهلهم الصبر والسلوان.

- من بين هذه الصور المفجعة، والمشاهد المحزنة، والتساؤلات المبهمة، تبرز إنسانية ملك.. إنسانية عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، الذي يثبت في كل يوم، أنه الأقرب دائماً، إلى ضمير أبناء شعبه، يتلمس حاجاتهم، ويتفهم أوجاعهم، ويتحسس همومهم، فمن لأسر مئة وستة شهداء، وآلاف الآخرين ممن أصبحوا دون مأوى؛ غير ملك الإنسانية (عبد الله بن عبد العزيز)..؟

هو البحر.. من أي النواحي أتيته

فلجّته.. المعروف والجود ساحله

- الملك المفدى، يدمل جراح المنكوبين في طوفان جدة مرتين.. مرة بتخصيص مليون ريال لكل أسرة فقدت شهيداً في سيل ربوع جدة، ومرة أخرى، بتشكيل لجنة للتحقيق والتدقيق والمحاسبة.

- التعويضات المالية لأسر الشهداء، وكذلك التعويضات التي سوف تعالج فيما بعد، الخسائر المادية؛ من سيارات ومنازل ومنشآت ونحوها، هي الأسلوب الأمثل في حالة كهذه، وخصوصاً أنها تأتي سريعة، ومجزية إلى أبعد حد، ففي بلدان كثيرة حول العالم، تجتاح الفيضانات مدناً بكاملها، ويغرق فيها آلاف الناس، وتدمر أحياء وقرى، وتذهب ممتلكات، ولم نعرف أن هذه الدولة أو تلك، تحملت أي مسؤولية من قبيل ما أمر به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، من تعويضات تصل إلى أكثر من مئة مليون ريال لأسر الشهداء فقط، وتسكين وإعاشة آلاف الأسر التي فقدت مساكنها في الأحياء المنكوبة.

* القرار الصائب الذي أدخل السرور على أنفس الأسر المنكوبة وكل سكان جدة، وحتى كل المواطنين في المملكة، هو تشكيل لجنة للتحقيق في الكارثة، واستدعاء كل مسؤول له علاقة بها، وبالتالي: بيان المسؤولية في وقوع الكارثة على مَن تقع، ومَن الذي أوصل جدة - وهي ثاني مدن المملكة عمراناً وسكاناً - إلى هذه الدرجة من الاهتراء والهشاشة، حتى انها لم تنتبه إلى أن بعض أوديتها الكبيرة، ما زال يصب فيها، ويتخذ من شوارعها وميادينها وأسواقها، طريقاً إلى البحر..!

- شكراً أبا متعب..

- شكراً أيها الملك الإنسان..

- شكراً.. كثيراً.. كثيراً، لأنك بكرمك وإنسانيتك وإحساسك بالمسؤولية العظيمة، قد مسحت دموع الباكين والباكيات، وخففت من آلام المفجوعين والمفجوعات، والمحزونين والمحزونات.

- وشكراً.. أكثر وأكثر.. لأنك أردت التحقيق، الذي به سوف تنجلي الأمور، وتتضح الحقائق، وينال المتسبب جزاءه، الذي هو جزاؤه أمام الله والقيادة والوطن والمواطنين.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد