مع أزكى التحية إلى خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله -
|
لا تسألوا عن جدَّةَ الأمطارا |
لكنْ سلوا مَنْ يملكون قرارا |
لا تسألوا عنها السيولَ فإنها |
قَدَرٌ، ومَنْ ذا يَصْرف الأقدارا؟ |
لا تسألوا عنها بحيرةَ (مِسْكِهَا) |
فَلِمِسْكِهَا معنىً يؤجِّج نارا |
أتكون جدَّةُ غيرَ كلِّ مدينةٍ |
والمسكُ فيها يقتل الأزهارا؟! |
لا تسألوا عن جدَّةَ الجرحَ الذي |
أجرى دموعَ قلوبنا أنهارا |
لكنْ سلوا عنها الذين تحمَّلوا |
عبئاً ولم يستوعبوا الإنذارا |
مَنْ عاش في أغلى المكاتب قيمةً |
وعلى كراسيها الوثيرة دارا |
مَنْ زخرف الأثواب فيها ناسياً |
جسداً تضعضع تحتها وأنهارا |
لا تسألوا عن بؤسِ جدَّةَ غيرَ مَنْ |
دهَنَ اليدَيْن، وقلَّم الأظفارا |
مَنْ جرَّ ثوب وظيفةٍ مرموقةٍ |
فيها، ومزَّق ثوبها وتوارى |
وأقام في الساحاتِ أَلْفَ مجسَّمٍ |
تسبي برونق حُسْنها الأبصارا |
صورٌ تسرُّ العينَ تُخفي تحتها |
صوراً تثير من الرَّمادِ (شراراً) |
أهلاً برونقها الجميل ومرحباً |
لو لم يكن دونَ الوباء سِتارا |
لا تسألوا عن حالِ جدَّةَ جُرْحَها |
فالجرح فيها قد غدا موَّارا |
لكنْ سلوا مَنْ يغسلون ثيابهم |
بالعطر، كيف تجاوزوا المقدارا |
ما بالهم تركوا العباد استوطنوا |
مجرى السيول، وواجهوا التيَّارا |
السَّيْلُ مهما غابَ يعرف دربَه |
إنْ عادَ يمَّم دربَه واختارا |
فبأيِّ وعيٍ في الإدارة سوَّغوا |
هذا البناء، وليَّنوا الأحجارا؟! |
ما زلت أذكر قصةً ل(مُواطنٍ) |
زار الفُلانَ، وليته ما زارا |
قال المحدِّث: لا تسلني حينما |
زُرْتُ (الفُلانَ) الفارس المغوارا |
ومَرَرْتُ بالجيش العَرَمْرَمِ حَوْلَه |
وسمعتُ أسئلةً وعشتُ حصارا |
حتى وصلْتُ إلى حِماه، فلا تسلْ |
عن ظهره المشؤوم حين أدارا |
سلَّمتُ، ما ردَّ السلامَ، وإنَّما |
ألقى عليَّ سؤاله استنكارا |
ماذا تريد؟ فلم أُجِبْه، وإنَّما |
أعطيتُه الأوراقَ و(الإِشعارا) |
ألقى إليها نظرةً، ورمى بها |
وبكفِّه اليسرى إليَّ أشارا |
هل كان أبكم - لا أظنُّ - وإنَّما |
يتباكم المتكبِّر استكبارا |
فرجعتُ صِفْرَ الرَّاحتَيْن محوقلاً |
حتى رأيتُ فتىً يجرُّ إزارا |
ألقى السؤالَ عليَّ: هل من خدمةٍ؟ |
ففرحتُ واستأمنتُه الأسرارا |
قال: الأمور جميعها ميسورةٌ |
أَطْلِقْ يديك وقدِّم الدولارا |
وفُجِعْتُ حين علمتُ أن جَنَابَه |
ما كان إلا البائعَ السِّمْسارا |
وسكتُّ حين رأيتُ آلافاً على |
حالي يرون الجِذْعَ والمنشارا |
ويرون مثلي حُفْرةً وأمانةً |
ويداً تدُقُّ لنعشها المسمارا |
يا خادم الحرمين، وجهُ قصيدتي |
غسل الدموعَ وأشرق استبشارا |
إني لأسمع كلَّ حرفٍ نابضٍ |
فيها، يزفُّ تحيَّةً ووقارا |
ويقول والأمل الكبير يزيده |
أَلَقاً، يخفِّف حزنَه الموَّارا |
يا خادم الحرمين حيَّاك الحَيَا |
لما نفضتَ عن الوجوه غبارا |
واسيتَ بالقول الجميل أحبَّةً |
في لحظةٍ، وجدوا العمارَ دَمَارا |
ورفعت صوتك بالحديث موجِّهاً |
وأمرتَ أمراً واتخذت قرارا |
يا خادم الحرمين تلك أمانة |
في صَوْنها ما يَدْفَعُ الأَخطارا |
الله في القرآن أوصانا بها |
وبها نطيع المصطفى المختارا |
في جدَّةَ الرمزُ الكبيرُ وربَّما |
تجد الرموزَ المُشْبِهَاتِ كِثارا |
تلك الأمانة حين نرعاها نرى |
ما يدفع الآثام والأوزارا |
|