Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/12/2009 G Issue 13579
الاربعاء 15 ذو الحجة 1430   العدد  13579
أضواء
إعلان الحرب على الفساد
جاسر الجاسر

 

الآن وبعد أن بدأت الحرب على الفساد.. بعد أن أعطى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إشارة بدء هذه الحرب من جدة التي علقت مأساتها (الجرس) وكشفت الكثير مما كنا عنه غافلين.

إذ لم تكن العلة في سوء المجاري في جدة، وتخريب مجاري السيل، أو الصرف الصحي في هذه المدينة التي يفترض أن تكون واحدة من أجمل وأفضل المدن في المنطقة إن لم تكن في العالم.

العلة والمأساة في الإنسان، في المسؤول الذي لم يحسن تأدية الأمانة، فخان ما أوكل إليه وانجرف وراء إغراء المادة ونسي تعاليم دينه وضحّى بأخلاقه وداس على ضميره متخطياً مصالح الآخرين من أجل أن يزيد من كنز الأموال، فكانت النتيجة كارثة ومأساة بمقدار ما شهدته جدة.

والذي حدث في جدة من هطول مكثف ومفاجئ وغير معتاد للأمطار يحصل ويحدث لمناطق ومدن عديدة، وقد شهدت كثير من الدول أحداثاً مماثلة، وهي دول أقل إمكانيات وقدرات من المملكة ولم تشهد نتائج وخسائر مفجعة كالتي شهدتها جدة.

لماذا؟!!..

بكل بساطة.. السبب تفشي الفساد وتراكمه لأعوام عديدة، حتى أصبح جبلاً متراكماً ترقد في سفوحه أخطاء وتجاوزات السنين الطوال، فجاءت سيول الأمطار لتزيل كل هذه التراكمات، وتفضح سيولها ما ارتكب من فساد طوال الأعوام الماضية.

ونحن هنا لا نحدد جهة معينة ولا أشخاصاً بعينهم، فهذه مهمة لجنة التحقيق التي أمر الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز بها، لتقوم بكشف كل ملابسات المأساة وتقصي الأبعاد والحقائق التي أدت إلى حدوث هذه الكارثة.

الملك عبدالله بن عبدالعزيز كعادته أخذ زمام المبادرة، ونثق به ومعنا كل المواطنين، فقد جعل من الكارثة منطلقاً للقضاء على آفة كبيرة تأكل كل ما يتم إصلاحه.. آفة الفساد المستشري في كل فواصل مؤسسات الدولة.. وهو داء لم نصب به وحدنا إذ يعاني منه العالم جميعاً إلا أننا والحمد لله يرعى أمورنا ويتحمل مسؤولية الحكم عاهلنا الذي يمتلك الشجاعة الكافية للاعتراف بالتقصير والخطأ، وهو ما انعكس وما يجب أن ينعكس على عمل كل مؤسسات ووزارات الدولة.. هذا النهج والسلوك أخذ يتجسد في وزارات وإدارات عديدة، ولكن للأسف لم تتشرب هذه السلوكية ولم يتناغموا مع نهج عبدالله بن عبدالعزيز، صحيح أن هناك الكثير من التقصير والأخطاء التي تراكمت على مر السنين، إلا أن مناخات الإصلاح لم تغفلها أي عين بصيرة، وكان على المسؤولين وخاصة المكلفين بإدارة الخدمات العامة والمؤتمنين على أرواح الناس أن يفهموا النهج الذي يسير عليه عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وإن صبر صبر الحكيم إلا أنه وعندما تحين الساعة والوقت لا يتردد في بتر اليد الفاسدة لأي كائن من كان، وهذا ما حصل، فقد جاء الأمر الملكي واضحاً ومباشراً: التحقيق مع أي جهة أو أي شخص، والرفع إلى الملك شخصياً عن الذين لا يتعاونون مع لجنة التحقيق كائناً من كان.

هذه البداية.. وليتحسس كل فاسد رأسه، فبلد مقدس يؤتمن على حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. بلد يجب أن يكون نظيفاً وخالياً من الفاسدين.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد