Al Jazirah NewsPaper Wednesday  02/12/2009 G Issue 13579
الاربعاء 15 ذو الحجة 1430   العدد  13579
بلا تردد
(محمد)!!
هدى بنت فهد المعجل

 

كانت سنوات خلت، وكنت في يومٍ من تلك السنوات في مدينة ملاهٍ حينما شنّفَ سمعي صوت طفلة سعودية تنادي مشغِّل اللعبة ب: (محمد).

يبدو أنها معتادة على زيارة هذه المدينة، فهي تعرف أو تتذكَّر اسم العامل المشغِّل!.

جُلتُ في أرجاء المدينة ووجدت كل العمالة (هنا) اسمها (محمد)..!! بناءً على مناداة العامة لهم، به.

خمَّنت أن للاسم قيمة، أو له دلالة في ذهنية مالك المدينة الترفيهية ترتب عليه استقدام للعمل لديه في المدينة الترفيهية كل من يحمل اسم (محمد)..!!

تتابعت السنوات و(محمد) موجود في كل تموين، ومستودع، ومجمع، ومستشفى أو عيادة، وفي الشارع، وعلى ناصية الطريق، وحول أل (بي سين)، وهو سائق العائلة، ومن يقل الركاب في سيارته (الليموزين)!! حتى خشيت أن أجده تحت الطاولة، وفي فنجان قهوتي، أو بين كتبي، وربما يخرج لي من شاشة أل (لاب توب) خاصتي، حتى اتضح لي أن العامل أو الموظف الذي يريدون مناداته اعتاد الكل على إطلاق اسم (محمد) عليه ربما إحياء لاسم شخصية مهمة، أو حُجة هُم بها أدرى، والذهنية العربية وربما السعودية تشعرك بالقلق!!.

تساءلت لماذا لا يتم مناداته ب (عبد الله) على اعتبار أننا جميعاً عبادٌ له - سبحا نه- أو لماذا لا يُنادى باسم (أحمد - محمود - حمد - حمود) وكلها ذات دلالة على الحمد أو ترمز إليه.

هل اندثر زمن أل (زول) وال (صديق) بحيث حلَّ محلها (محمد)؟.

وهل يمكن إطلاق الاسم على كافة الأجناس، والفصائل، والجنسيات، أو يُمكن استثناء العمالة الفلبينية ومن يندرج تحتها أو فوقها ويلتقي معها في الشبه والثقافة.

(محمد) اسم مناداة اختصاراً لطلب معرفة اسم الموظف، أو عادة تمَّ توارثها، بحيث انتقلت من الكبير إلى الطفل.. كبر الطفل فأصبح كبيراً وانتقلت منه إلى طفلة.. وهكذا دوران في حلقة مفرغة مكررة مُعادة بذهن أو ذهنية معطَّلة!!.. أو لأننا أمة تهوى توارث العادات والسير على نهجها دون مخالفتها أو معالجتها ذهنياً إن كانت مقبولة، صالحة للاستعمال رغم تعاقب الأزمان، واختلاف الفكر والمشارب، حيث تنسحب على تسليمنا بتوارث ترديد هذا الاسم وإطلاقه على حياتنا كلها، مع أن الإصلاح الذي قام به (لوثر) في القرن السادس عشر فرض الاعتراف بحقوق العقل في التفحُّص الحر.. فهل العقلية التي نعيشها حدَّت من حرية ذلك.. أم أننا اعتدنا عليها بحيث أصبحنا مجتمعاً تقليدياً نستثمر إنتاج هويتنا عن طريق تخليد حكايات تأسيسية تغذت بها ذاكرتنا التراثية!!

وأذكر في هذا الصدد نموذجاً ل (ديكارت) يدعو للمعادلة التالية: (أن تفهم أو أن تعرف = أن تتأهب للشيء من أجل السيطرة عليه، ومن أجل أن تسيطر ينبغي البدء بالمعرفة أولاً، لكنك لن تستطيع أن تعرف أو تفهم إلا بشرط أساس، هو أن تتحرر ولو للحظة واحدة من هاجس السيطرة).. فكيف لنا ذلك وذاكرتنا تراثية تقليدية!!.

(محمد) المُنادى بإطلاقه المتكرر على الفرد، أي فرد كان! أقرب إلى امتهان الاسم وإن قُصد به خلاف ذلك (جهلاً).. حيث إن أساليب المناداة متعددة بلفظها المهذب والمحترم والرفيع، لكننا لن نستطيعها طالما نصر على مناداة النساء ب (يا مره) أو (يا خالة) أو (هيش).

P.O.BOX: 10919 - Dammam 31443




Happyleo2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد