بفضل الله - عزَّ وجلَّ - ثم توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله - المباشرة ومتابعة أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أنهى الحجاج شعائر حجهم بكل يُسر وسهولة وأمن واطمئنان؛ حيث كانت توجيهات قادة هذه البلاد واضحةً في بذل كل الجهود والغالي والنفيس لخدمة ضيوف الرحمن الوافدين لأداء فريضة الحج. وقد كان قادة وموظفو كل القطاعات على قدر المسؤولية في تذليل كل الصعاب أمام الحجاج، بل وتقديم أقصى درجات التعاون في سبيل خدمة ضيوف مملكتنا الغالية في موسم الحج. وإذا كنا جميعاً نسعد بخدمة ضيوف الرحمن كل عام، وسعدنا كذلك بالنجاح الذي تحقق في تنظيم موسم الحج لهذا العام؛ إلا أن ما حدث في مدينة جدة القريبة إلى موطن فعاليات الحج قد كدَّر علينا جميعاً؛ حيث إنه إخفاق لا يبعد كثيراً عن موطن النجاح الذي يتحقق كل عام.
إن ما حدث في مدينة جدة من كارثة الأمطار التي جرفت البشر والحجر والسيارات والممتلكات، وسبَّبت الكثير من الأضرار والخسائر، يُعدُّ أمراً مفزعاً ومقلقاً يجعلنا نتساءل بمرارة عن مشروعات الصرف التي عُملت وصُرف عليها الميزانيات الضخمة خلال الأعوام الماضية. لقد شاهدنا جميعاً مقاطع مأساة أمطار جدة وكأننا أمام كوارث طبيعية تحدث في كثير من الدول الفقيرة ذات التنمية المحدودة؛ لكنَّ المؤسف أنها حدثت في مدينة جدة بعد سنوات طويلة من التنمية والتطوير الذي اتضح أنه يسير إلى الوراء؛ لأن الأمطار التي هطلت على مدينة جدة - رغم غزارتها - لم يكن لها أن تتسبب في هذا الدمار في حالة وجود تصريف للمياه وفق المعايير والتصاميم الجيدة. وهنا أريد أن أقول: إنَّ هذا ليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره؛ فأمر الله نافذ، وقضاؤه حاصل، لكنها أسئلة حيرى حول فعل الأسباب خلال ماضي السنوات؛ لأن البناء في مجاري الأودية هو ذنب مَنْ سمح بذلك وأعطى الفسوح وأجاز ذلك دون وجود تصريف للمياه؛ ما يجعلنا جميعاً نطالب بالتعامل الجاد مع هذه الكارثة وإعادة النظر في المشروعات المماثلة في المدن الأخرى حتى لا نواجه المشكلة نفسها بعد فوات الأوان.
وهنا يجب ألا نلقي باللوم على جهة واحدة ونحمِّلها مسؤولية ما حدث، بل لا بد - من وجهة نظري - أن يتحملها جميع من تعاقبوا على كرسي المسؤولية بالأجهزة التي أجازت ومنحت وسمحت. إننا - وبكل صراحة - لا نريد عبارات تخديرية لحل مشكلة تصريف مياه جدة، بل يريد كل الغيورين بناءً حقيقياً - بعيداً عن التجارب - يزيل الخوف مع كل قطرة مطر عن ساكني جدة ومحبيها.
وأخيراً - وقبل الختام - يبقى السؤال: أين ذهبت الميزانيات التي خُصِّصت للإنفاق على مشاريع جدة التنموية خلال العقود الماضية؟. هل من إجابة قبل أن تعود الأمطار إلى جدة، وهي ربما تكون قريبةً؟!.
alelayan@yahoo.com