أما وقد (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، وأصدر مجمع الفقه الإسلامي الموقر في جلسة أخيرة فتواه بإباحة (زواج المسيار) وعدَّه زواجاً شرعياً مكتمل الأركان.. فإنه لم يعد من جدوى في رفضه واتهام الباحثين عن هذا الزواج أمثالي، بالجبن والخوف من المحروسة (أم العيال) لاعتقادي أن هذا الزواج الشرعي سيحل الكثير من المشكلات، خاصة إذا أحسن كل طرف اختيار الطرف الآخر.
ولعلي كنت من أكثر الكتَّاب الذين تناولوا هذا الموضوع، لا لندرة في الموضوعات التي أبحث عنها، ولكن لرغبتي الملحة في ولوج هذا العالم السحري، وإتاحة الفرصة لغيري من محبي هذا الزواج، خاصة بعد أن حظي بشرعيته من قبل المجمع الفقهي.
وقد علق الكثيرون - رجالاً ونساء- من خلال اتصالاتهم عن موافقتهم في الانضمام إلى قافلة (المسيار) ومطالبتهم بالبحث عن النصف الآخر.. ووجدت نفسي محملاً بأعباء لا قدرة لي بها، مما جعلني أقع في ورطة وفي (حيص بيص)، فلا أنا توفقتُ في ضالتي والفوز بمن يقبل بي زوجاً، ولم أستطع خدمة من استجار بي، ولو قيَّض الله لي ذلك لكان (الأقربون أولى بالمعروف) خاصة إذا كان هذا القريب (نفسي).. نعم نفسي الأمارة بالسوء لا غيرها.!
والحل في نظري يكمن في الدعوة لإنشاء جمعية.. أو رابطة أو هيئة، سمّها ما شئت.. تتخصص في التوفيق بين راغبي الزواج (المسياري) من الجنسين، وعلى هذه الجمعية مسؤولية التدقيق في اختيار الشخص المناسب خاصة من (الرجال) الذين قد يفهمون هذا الزواج بغير ما أبيح له من قبل المجمع الفقهي.
وكزوج قديم مهتم بهذا النوع من الزيجات، فإنني أعتقد كما قلت من قبل أن سبب نفور ومعارضة الكثير من النساء والقليل من الرجال لهذا الزواج المبارك (إن شاء الله) يعود إلى التسمية نفسها.
فالمسيار كلمة مشبوهة جاءت من الفعل اللعين (سار)، وعند العرب تأتي كلمة سار، وسيراً، وتسيارا، ومسيرا، وسيرورة بمعنى (الذهاب في لجة الليل البهيم)، من هنا مشكلة هذا الزواج البريء مع أنها اكذوبة ابتدعها من لا يريد خيراً لإخوانه من محبي هذا النوع من الزواج!
ولست أدري: لماذا يتعرض هذا الزواج الشرعي وحده إلى مثل هذه الحملات المغرضة من قبل (المعددين الشجعان) ومن قبل (المفردين الجبناء) مع أن زواجاً آخر نشم فيه رائحة الخداع والتدليس يمارس على رؤوس الأشهاد دون أن يتعرض لأي كلمة شجب واستنكار، وأعني به (الزواج بنية الطلاق) دعك من الزواج العرفي وغيره.. هل لأن هذا الزواج الذي يقدم عليه الموسرون وعلية القوم زواج (ارستقراطي) بينما زواج المسيار (زواج الغلابة) والطيبين الذي يبحثون عن رضا الله، ثم رضا أم العيال، ورضا النفس الأمارة بالسوء!
المهم، أن هذا الزواج ليس فيه ما يعيبه وفي ظل ظروف معينة، ولكنني أشدد على ضرورة اختيار الزواج المناسب السوي السلوك والخلق، وعلى المرأة التي ترتضي هذا الزواج ألا تنظر إلى عمر الزوج بقدر ما تنظر إلى سلوكه ووعيه وظروفه، فقد تجد الراحة التي تنشدها والذرية الصالحة مع رجل متقدم قليلاً في السن، ناضج العقل والتجربة سوي السلوك.. ولا تجدها لدى شاب (طائش) يفهم هذا الزواج فهما خاطئاً. إنني أتوق وأتلهف إلى رؤية جمعية تهتم بشؤون زواج المسيار، وتدافع عن حقوقهم وسأكون أول المنضوين تحت لوائها، والحاملين لرايتها.. وسأصرخ حينذاك ككل المنتصرين في شوارع الوطن العربي الكبير:
- يا أزواج المسياراتحدوا!!
alassery@hotmail.com