ما لها إلا عبدالله، هذا ما كان يردده أبناء المملكة، فلقد جاء التحرك سريعاً، فما أن أنهى - حفظه الله - انشغاله بخدمة ضيوف الوطن، حتى تفرغ لمعالجة مأساة أهالي جدة، المدينة العزيزة على خادم الحرمين الشريفين وعلى أبناء المملكة جميعاً، فقبل أن يغادر ضيوف الرحمن أراضي المملكة، وفي اليوم الأول من وجوده في جدة، أصدر أمره الكريم بتشكيل لجنة للتحقيق وحصر الأضرار والمصابين والخسائر في الممتلكات العامة والخاصة.
والقارئ المتمعن للأمر الملكي الكريم، المستند على مضامين الأنظمة التي تنظم عمل الوزارات والمؤسسات في الدولة، والمتوافق تماماً مع النهج الذي يسير عليه خادم الحرمين الشريفين، الذي يتصف بالالتزام التام بواجب أمانة التكليف ومسؤولية رعاية مصالح الأمة والبلاد والعباد التي عاهد الله تعالى على القيام بها بعد مبايعة الأمة له - حفظه الله - ملكاً للبلاد، والمدى الدقيق من الحرص الذي لمسه القريب والبعيد من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاه الدين ثم الوطن والمواطن وكل مقيم على أرض المملكة العربية السعودية، ولهذا فقد جاء تصدي المليك لهذه المأساة استجابة لواجبه الشرعي وضميره الأخلاقي والتزامه الشخصي الذي عرف عنه بالحفاظ على مصالح المسلمين وأملاك الأمة.
وهكذا جاء الأمر الملكي شاملاً المضامين ومحاور شتى، فهو بالإضافة إلى تضمنه تشكيل لجنة للتحقيق والتقصي وإحصاء الأضرار والمتضررين فإن الأمر الملكي يتضمن ما يجب عليه واجب الالتزام بالأمانة والمسؤولية بدءاً من ملك البلاد الذي ضمن أمره الملكي الكريم التأكيد على امتلاك الشجاعة الكافية للإفصاح عن كل ما ارتكب من أخطاء أو تقصير من بعض الجهات والتصدي بكل حزم ومعاقبة مرتكبيها والتبرؤ من هؤلاء المفسدين تشبهاً بالرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي تبرأ من صنيع بعض أصحابه فيما ندبهم إليه.
هذه هي أخلاق ونهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حزماً ووقوفاً مع المظلوم ومحاسبة المقصرين وتضميد جراح أسر وعوائل الضحايا.. تنقية للعمل العام في المملكة وقطع دابر الفساد ومواصلة للإصلاح ليس فقط إصلاح الأنظمة والمؤسسات، بل إصلاح النفوس الفاسدة.
***
**** ****
.. وموسم حج ناجح آخر
ينهي ضيوف الرحمن اليوم مناسك حجهم، بعد أن سبقهم الحجاج المتعجلون الذين غادروا مكة المكرمة والمشاعر المقدسة يوم الأحد.
وبمغادرة ضيوف الرحمن العاصمة المقدسة والمشاعر يكون أحد أنجح مواسم الحج وأكثرها تيسيراً قد انتهى والحمد لله؛ إذ خلا حج هذا العام من حوادث التدافع والاكتظاظ، كما نجا ضيوف الرحمن بفضل الله ومنته من فيروس (إتش1 إن1) المسبب لمرض إنفلونزا الخنازير، الذي أثار الخوف والهلع في نفوس العديد من الدول التي أرادت إلغاء سفر حجاجها إلى الديار المقدَّسة.
والآن الحجاج يغادرون بلادنا بعد أن تمتعوا بتأدية فريضة حجهم وأدوا مناسكهم بما يشبه أداء رحلة سياحية دينية مفعمة بالإيمان، متمتعين بالصحة والراحة النفسية بعد أن قضوا أياماً مليئة بالعبادة والخشوع دون أن يعكر صفوهم حادث، أو شغب أمني، أو نقص في المؤونة، ولا حتى التخوف من فيروس إنفلونزا الخنازير..
الحمد لله كل شيء كان ميسراً ومريحاً، وهذا ما أسعدنا كسعوديين قبل ضيوف الرحمن.
وأسعد ذلك القيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو يرى ثمار عمله وعمل إخوانه وأبنائه من الوزراء والمسؤولين تتحقق على أرض مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتحقق أفضل النتائج، منعكسة إيجابياً لخدمة ضيوف الرحمن.
وسعدنا كمواطنين سعوديين ونحن نرى البسمة والرضا على وجوه ضيوف الرحمن الذين تشرفنا بخدمتهم.
موسم حج هذا العام كانت تحف به العديد من المخاطر، وأكثرها رعباً هو ما أُثير من تحذيرات وتخوف من انتشار فيروس H1N1 المسبب لمرض إنفلونزا الخنازير، ولكن - والحمد لله - عمل الأجهزة الطبية واستعداداتها والاحترازات التي أنجزتها قبل موسم الحج وكذلك تعاون الدول المرسلة للحجاج مكّن من السيطرة على هذا الفيروس؛ حيث سجلت الإصابات أقل نسبة يمكن أن تحصل في مكان يجتمع به أكثر من ثلاثة ملايين إنسان.
هذا فضل من الله قبل كل شيء.. ثم إخلاص وتفاني المسؤولين عن الحج، يكشف ما تقوم به المملكة، ملكاً وشعباً وحكومة، من أجل تأدية شرف خدمة ضيوف الوطن. واليوم فرحتنا كسعوديين تعادل - إن لم تَفُقْ - أهل الحجاج الذين حلوا بين ظهرانيهم بعد أن أدوا أفضل عمل ديني لهم.
***