Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/12/2009 G Issue 13578
الثلاثاء 14 ذو الحجة 1430   العدد  13578
أعاجيب التناقضات وتناقضات الأعاجيب
حسن اليمني

 

أحيانا تضطر لذكر بعض الألفاظ السوقية لكونها ضرورة لإيصال المعنى واللفظ السوقي يعني الكلمات التي يستخدمها عامة الناس وحتى خاصتهم عندما تتلاشى أوتختفي حوافز ودواعي الانضباط وهي على كل حال موجودة في كل المجتمعات بما فيها الصومال إن كان بقي فيه مجتمع من الأصل...

العجيب أن لغة التخاطب تختلف بين الشفهية والتحريرية ففي لغة التخاطب المكتوبة تجد الكلمات أكثر رقيا وأفصح عبارة وأعمق معنى عنها في لغة التخاطب الشفهية التي يشوبها التلعثم وتكرار بعض الكلمات مثل (وش اسمه) ويعني و(مدري) وهذا الاختلاف في لغة التخاطب موجودا أيضا في كل المجتمعات بما فيها مجتمعات الصم والبكم وان كان بالإشارة بدلا من الشفاه ...

لعجيب أن كلمات نابية وقبيحة تستخدم للتدليل على المدح وأخرى كلمات جميلة ومؤدبة تستخدم للتدليل على الذم والقدح فمثلا (ابن كلب) تعني داهية أوعبقري وفي عكسها نجد (أجودي) تعني مسكينا أوساذجا وتعجب أيضا عندما نتجاوز القول إلى الفعل فترى أن صاحب الوصف (الأصولي) يتعب ويشقى ولا يصل هدفه في حين إن عكسه (الانتهازي) يحظى بالسبق والانجاز...

والعجب لا ينتهي فما يقترفه الكيان الصهيوني لا يسمى في العرف الدولي إن كان له عرف جريمة بل إن مقاومة الشعب المحتل يعتبر إرهابا، ولهذا فالكيان الصهيوني الإرهابي داخل في تحالف دولي لمحاربة الإرهاب وهذا التحالف الدولي المحارب للإرهاب تقوده أمريكا التي تحتل العراق وأفغانستان وعندما رغبت الأرجنتين استعادة سيطرتها على جزر الفوكولاند استشاطت انجلترا غضبا على هذه الغطرسة مثلما تنتفض اسبانيا عندما يذكرها احد بعروبة سبتة ومليلة المغربيتين لكن العجب هذا يسقط عندما تستميت دولة الإمارات العربية المتحدة لإقناع إيران بالتوجه إلى محكمة لاهاي الدولية للنظر في قضية الجزر العربية الثلاث وما يسقط هذا العجب ليس لان إيران دولة غير عربية ... ولكن لأنها رغم مواجهتها المجتمع الدولي المتحالف ضد الإرهاب بقيادة اعتي عتاة الإرهاب الدولي ألا إنها هي أيضا الوجه الآخر للاحتلال في العراق ...

وفي هذا العالم العجيب لا ينتهي العجب حين ترى أن المبادئ الإنسانية أيضا لها قواعدها العكسية فالعدل والسلام الدوليين هما الأداتين اللتين يتم بهما غزوالأقطار العربية والإسلامية في حين أن هذه الأقطار العربية والإسلامية هي التي تصدر مبادرات السلام وتطالب دوما بالاحتكام إلى المواثيق الدولية، وإذا كنا بدأنا هذه السطور بأعاجيب التناقضات حين تختفي دواعي وحوافز الانضباط سواء كان ذلك في التخاطب أوالسلوك أوالتعبير والدلالات وحتى السياسة والمبادئ والمواثيق فإن في فلسفة البناء والتنمية لدينا أعاجيب والامثلة على ذلك كثيرة.

وأخيرا فإن قمة العجب العجاب أن تقتنع بشيء ثم تتجاهله وأن تدرك خطأ المسار وتصر على السير فيه وأن ينصفك قولد ستون وترفض إنصافه بحثا عن إنصاف نتنياهو!



Hassan-alyemni@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد