المشاعر المقدسة - محمد العيدروس
سلامة ضيوف الرحمن، مسؤولية تحملها رجال الدفاع المدني خلال موسم الحج، وتواجدوا في جميع أرجاء العاصمة المقدسة والمشاعر لتقديم المساعدة لحجاج بيت الله الحرام في مشاهد إنسانية، كان لها أثرها في نفوس الجميع.
وتعددت إسهامات قوات الدفاع المدني خلال موسم الحج، وفق خطة تدابير شاملة للتعامل مع كافة المخاطر المحتمل حدوثها والتي تم رصدها عبر فرق متخصصة في الرصد والاستشعار وتحليل المخاطر في تأمين سلامة الحجاج ضد مخاطر الحرائق والسيول والأمطار والتلوث وحوادث الأنفاق وتساقط الصخور والأمراض الوبائية، فضلاً عن الحوادث الناجمة عن الزحام أثناء أداء الحجاج مناسكهم وتواجدت وحدات الدفاع المدني في جميع المواقع وفق خطة انتشار دقيقة تمنح أولوية للأماكن ذات الخطورة، بالإضافة إلى دوريات وفرق متحركة للتدخل السريع في حال وقوع أي حوادث مفاجئة في أماكن أخرى. وتميزت إسهامات الدفاع المدني خلال موسم الحج هذا العام بتعزيز الإجراءات الوقائية تحت شعار (الوقاية هي الغاية) وهو الشعار الذي يجسد في عدد كبير من البرامج التوعوية بشروط ومتطلبات السلامة، والتي استهدفت جموع الحجاج بملايين الهدايا التوعوية واللوحات الإرشادية والمطبوعات، ورسائل الجوال، والتي أكد الحجاج استفادتهم منها في تجنب المواقع الخطرة، ومعرفة كل الإجراءات الواجب الالتزام بها, وحرصت قوات الدفاع المدني بالحج على استثمار كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية ووسائل النشر الإلكتروني في توعية الحجاج قبل وأثناء وبعد قدومهم للمملكة.
ويؤكد أداء قوات الدفاع المدني خلال موسم الحج استيعابها للمعطيات المرتبطة بالمشروعات الجديدة بالمشاعر المقدسة, من قدرتها على ابتكار حلول مبتكرة لمواجهة كافة المخاطر في التوسعة الجغرافية في مشعر عرفات والتي أضافت أربعة مواقع جديدة نجحت وحدات الدفاع المدني في تغطيتها بكل وسائل السلامة في وقت وجيز، بالإضافة إلى استفادتها من الإمكانات الهائلة لمنشأة الجمرات في تنفيذ خطة انتشار في جميع مداخل ومخارج منطقة الجمرات لمنع التكدس أو الزحام، وتحقيق أقصى درجات الجاهزية لمواجهة كافة المخاطر المحتملة، بما في ذلك تواجد قوات الإسناد لتقديم الدعم لجميع الوحدات المنتشرة في المشاعر المقدسة.
وأثبتت الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال يوم التروية، مدى جاهزية قوات الدفاع المدني، حيث تم على الفور تطبيق الخطة التفصيلية الخاصة بالأمطار والسيول، بدءا من إصدار بيان عاجل يحذر الحجاج من التواجد في مصارف السيول بالمشاعر أو أسفل سفوح الجبال ويطالبهم بالحيطة والحذر، مروراً بوضع فرق الإنقاذ المائي المجهزة بالقوارب على أهبة الاستعداد وصولاً إلى نشر عدد كبير من الدوريات لمتابعة الأحوال الميدانية، حيث انتشرت وحدات الدفاع المدني بمنشأة الجمرات، وتعاملت بهدوء ووعي مع زيادة عدد الحجاج في الطابق الأرضي بجسر الجمرات، ليتم توجيههم بسرعة إلى الطوابق الأخرى، لمنع الازدحام والتكدس وما قد يترتب على ذلك من حوادث, في حين كانت فرق الإنقاذ والإسعاف في حركة دائمة لنقل أي حاج يتعرض للإجهاد أو الإرهاق إلى مراكز الإخلاء الطبي بمنطقة الجمرات لتلقي الإسعافات اللازمة ثم مساعدته على أداء نسكه، أما في محيط الحرم الشريف ومحاور الوصول إليه فكانت وحدات الدفاع المدني ودورياتها الجوالة متواجدة على مدار الساعة لتأمين سلامة الحجاج في شبكة الأنفاق وحماية مئات الآلاف من المشاة من مخاطر التلوث الهوائي أو نقص الأوكسجين بها، إلى جانب تواجد ما يزيد عن (1000) من منسوبي الدفاع المدني تنتشر في المنطقة المركزية المحيطة بالحرم عبر (13) نقطة ثابتة، ودورية متحركة، قدمت كل أشكال المساعدة لحجاج بيت الله الحرام. وتبقى إنسانية رجال الدفاع المدني هي الملمح الأكثر وضوحاً أثناء أداء مهامهم في حماية الأرواح والممتلكات طوال مناسك الحج، والتي كان لها أكبر الأثر في نفوس الحجاج الذين شعروا بمدى حرص هؤلاء الرجال على سلامتهم، ومساعدتهم لاستكمال أدائهم لمناسكهم، فكانت علامات الرضا على وجوه جموع الحجاج شهادة تقدير لضباط وأفراد الدفاع المدني مقترنة برسائل شكر لحكومة خادم الحرمين الشريفين، ودعوات بأن يحفظ للمملكة العربية السعودية أمنها واستقرارها ورخاءها. وجاءت لغة الأرقام لتؤكد نجاح قوات الدفاع المدني والتي وصل عددها إلى أكثر من 13750 من الضباط والأفراد وما يزيد عن 3900 معدة وآلية متعددة الاستخدامات، في أداء مهامها في خدمة ضيوف الرحمن، حيث لم تسجل حوادث مؤثرة في سلامة الحجيج، وتراجع كبير في عدد الإصابات والوفيات بصورة كبيرة مقارنة بمثيلاتها في الأعوام السابقة.