منى - واس
أقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في الديوان الملكي بقصر منى أمس حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين يؤدون فريضة الحج هذا العام. ومن أبرز الشخصيات التي حضرت الحفل دولة نائب رئيس جمهورية السودان علي عثمان محمد طه ودولة الوزير الأول رئيس الحكومة لجمهورية مالي موديبو سيديبي.
حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا وصاحب السمو الأمير فيصل بن تركي آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وأصحاب السمو الملكي الأمراء، كما حضره أصحاب الفضيلة العلماء والمعالي الوزراء وكبار المسؤولين وسفراء الدول العربية والإسلامية، وقد بدئ الحفل بتلاوة آيات من القرآن الكريم.
بعدها ألقى معالي وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي كلمة قال فيها:
خادم الحرمين الشريفين حفظكم الله.. يشرفني أن أمثل أمامكم في هذا الحفل الباهر الذي تشرفون عليه بحضور ضيوفكم الكرام الذين هم من أبرز الشخصيات في العالم الإسلامي..
فمرحبا بهم في بلدهم الثاني وعلى هذه الأرض الطيبة المباركة التي تفتح ذراعيها في ظلكم ورعايتكم لاستقبال ضيوف الرحمن الذين هبوا من كل فج عميق لأداء نسكهم، تقبل الله حجهم وجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا بإذن الله.
يا خادم الحرمين الشريفين..
نحمد الله أن يسر لضيوف الرحمن حجهم وأداء نسكهم في أمن وأمان وسلامة واطمئنان، وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل ما وفرته لهم حكومتكم الرشيدة وبفضل توجيهاتكم السديدة المستمرة للعناية القصوى بضيوف الرحمن.. وهنا لابد أن أعرض بإيجاز شديد بمثابة عناوين لجهودكم العظيمة في الحرمين الشريفين بشأن توسعتهما توسعة عملاقة وامتداد التطوير إلى المشاعر المقدسة ومن ضمن ذلك منشأة الجمرات الحديثة ومشروع الخطوط الحديدية بما أضفى ويضفي على الحجاج المزيد من التيسير ليؤدوا شعائرهم بكل راحة واطمئنان ووفق مراد الله عز وجل.
سيدي خادم الحرمين الشريفين..
إن جملة ما أعرض له عبارة عن إلمامات عجلى لأن الوقت لا يسمح لتعداد ما تقومون به يوميا من أعمال وإنجازات كبيرة لشعبكم ولضيوف الرحمن وكذلك على الصعيد الإسلامي والدولي فاسمحوا لي أن أشير إلى ما نشرته مجلة فوربس الأمريكية الواسعة الانتشار من أن مقامكم السامي يعد من أهم القادة والزعماء على مستوى العالم وذلك لما تقومون به من أعمال جليلة على الصعيد الدولي من أجل السلم وتقارب الحضارات وأهمية مبدأ الحوار مع الآخر ولنصرة القضايا العادلة في العالم.. هذا غيض من فيض أيدكم الله وزادكم توفيقا.
وفي ختام هذه الكلمة التي حرصت على أن تكون موجزة لا بد أن أذكر بما استقر في ذاكرتي بل وفي ذاكرة كل من قدر له أن يحظى بالاستماع لكلمتكم التي توجهتم بها في مثل هذا اليوم مما سبق فقد قلتم حفظكم الله..
أيها الإخوة المسلمون تجتمعون اليوم من كل فج عميق.. على صعيد واحد.. وفي زمن واحد.. لا فرق بينكم إلا بالتقوى.. هنا تتوحد النفوس.. ويتلاشى الخلاف.. ولا يبقى إلى رابطة الإيمان الراسخة في القلوب.. وهذا المشهد العظيم.. يؤكد على أن القادر على جمع هذه الحشود في مكان واحد.. قادر على توحيد قلوب هذه الأمة إذا توجهنا إلى الله بأرواحنا صادقين على إعلاء كلمته جل جلاله.. وسيتحقق لنا وعده بالنصر والعزة.. وبذلك نعود أمة فاعلة تكون في مقدمة الركب لا في مؤخرته.. وما ذلك على الله بعزيز.
سيدي خادم الحرمين الشريفين..
دعاء من الأعماق بأن يمدكم الباري بمنه وكرمه وأن يشد عضدكم بولي عهدكم الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وبذلك تكبر الفرحة في هذا الكيان الكبير لما يشهده من إنجازات عظيمة.. ?وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ? صدق الله العظيم.
بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمة أكد فيها أن من أعظم نعم الله على المسلمين في العصر الحاضر قيام المملكة العربية السعودية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحملها أمانة الإسلام، تطبيقا لأحكامه، ودعوة لفضائله، وخدمة للحرمين الشريفين، وللإسلام والمسلمين في أي مكان.
وهنأ معاليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني باسم رابطة العالم الإسلامي وهيئاتها والمراكز والجمعيات الإسلامية بمناسبة آداء الحجاج مناسك حجهم في أجواء من الأمن والإيمان وحسن التنظيم معربا عن شكره لكل الأجهزة الحكومية التي سهرت وتعاونت في خدمة الحجيج، وحرصت على سلامتهم، وآداء مناسكهم في سهولة ويسر.
ونقل شكر المسلمين في مختلف أنحاء العالم، ومشاعرهم الفياضة لخادم الحرمين الشريفين على ما يبذله حفظه الله، وحكومته الرشيدة من جهود في خدمة الإسلام والمسلمين.
وقال: إن إقامة جسر الجمرات، وتوسعة المسعى، وساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي، وشبكة النقل في المشاعر، وغير ذلك من المشروعات التي وجهتم - حفظكم الله - بتنفيذها، وما تتطلبه من تكاليف مالية هائلة، مما ستكون له الآثار الكبيرة على المسلمين في آداء مناسكهم، تأتي في صدارة إنجازاتكم العظيمة، مما يعود على المسلمين بالخير. وهذا نهج والدكم الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وأبنائه البررة الذين سخروا أنفسهم وإمكاناتهم لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما.
وأضاف: لقد أخذتم زمام المبادرة إلى حوار بين أتباع الأديان والحضارات، يسهم في إرساء السلام الإنساني، ويكشف للعالم كله أن رسالة الإسلام رحمة للعالمين، تدعو إلى التعاون والتعايش وتنبذ الصراع، والتطرف والغلو، وقد تجلت نتائج المبادرة الرائدة في الترحيب والتجاوب الكبير الذي لقيته من العلماء والمؤسسات العالمية المعنية.
وتابع القول: إن ذلك ظهر جليا في مؤتمرات مكة ومدريد، واجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي رعيتموها، ووجهتم عبرها رسائل عالمية جلية، مما يخدم القضايا الإنسانية المشتركة، ومن دواعي تلك الاستجابة القوية كون المبادرة منطلقة من خادم الحرمين الشريفين، ومن دولة لها رصيد كبير في خدمة الإسلام والأمن والاستقرار والإصلاح في العالم.
ونوه معاليه بإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا وعده قفزة نوعية على المستوى الوطني والعالمي، لما تتميز به من تجهيزات ووسائل وكوادر تعليمية متطورة ستكون بإذن الله صرحا سعوديا وعالميا يعيد للعالم إسهام الحضارة الإسلامية وآثارها في الحضارة الإنسانية.
وأشار إلى مؤتمر مكة العاشر الذي عقدته الرابطة قبيل حج هذا العام وفق إستراتيجية للرابطة تعطي قضايا الشباب أولوية، وخاصة في مجال الفكر والسلوك، حيث أصبحوا عرضة للتيارات المنحرفة التي تسعى لزعزعة استقرار الأمة الإسلامية، سواء أكانت من الداخل أم من الخارج.
واستعرض معاليه جملة من التوصيات التي خرج بها المشاركون في المؤتمر.
بعد ذلك ألقيت كلمة بعثات الحج ألقاها عنهم معالي وزير الشؤون الدينية بجمهورية إندونيسيا الحاج سوريا دارما علي عبر فيها عن سعادته بتشرفه بالمشاركة في هذا الحفل الكريم وإلقاء كلمة أمام خادم الحرمين الشريفين ممثلاً عن رؤساء وفود الحج لهذا الموسم.
ونقل بالغ التقدير والامتنان إلى حكومة المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة على جهدها الجبار وعملها الدؤوب التي بذلتها من أجل تقديم أفضل الخدمات والتسهيلات لكافة ضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق.
وثمن عاليا المشاريع الضخمة التي أنجزتها حكومة خادم الحرمين الشريفين من إنشاء جسر الجمرات وتوسعة المسعى وساحات المسجد الحرام بالإضافة إلى إنشاء وسائل النقل الحديثة التي تربط بين المشاعر المقدسة والتي تزيد من سهولة وراحة الحجاج في أداء مناسك الحج.
وعبر عن الامتنان للمواطنين السعوديين على ما أحطوا به الحجاج من كريمة تعامل وما أبدوه من حفاوة بالغة وأخوة إسلامية صادقة مع الحجاج القادمين من شتى بقاع العالم.
وقال: إنه لحدث عظيم ولسعادة غامرة لكل مسلم من أنحاء العالم وهم يتمكنون من الوصول إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج وزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة ولن تتحقق تلك الآمال دون توافر الوسائل والتسهيلات الكافية التي أعدتها بشكل ممتاز حكومة المملكة العربية السعودية.
وأكد ثقته بقيادة خادم الحرمين الشريفين الرشيدة متفائلا بتطوير أعمال التوسعة والتحسينات عاماً بعد عام من أجل خدمة ضيوف الرحمن وراحتهم داعيا الله تعالى أن ينعم على خادم الحرمين الشريفين بموفور الصحة والعمر المديد في ظل عنايته سبحانه وتعالى.
ونقل في ختام كلمته التحية لخادم الحرمين الشريفين من فخامة الرئيس الحاج الدكتور سوسيلو بامبانج يودويونو رئيس الجمهورية الإندونيسية الذي يدعو له - حفظه الله - بالصحة والتوفيق والسداد كما يشكر فخامته والشعب الإندونيسي على سرعة التجاوب والمساعدات المالية والعينية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لتخفيف معاناة منكوبي الزلزال بسومطرة ولإعادة بناء المنشآت المنهارة من المساجد والمستشفيات والمدارس ودور الأيتام فيها.
وسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناته.
وأجزل الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين وللشعب السعودي على ما أبدوا من الحفاوة والخدمات الممتازة لجميع الحجاج من كافة بقاع العالم..
بعدها ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الكلمة التالية..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخواني ضيوف الرحمن:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أهنئكم بعيد الأضحى المبارك، وأتمنى لكم حجا مبرورا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا، وكل عام وأنتم بخير، ونحمد الله الذي سهل عليكم جميعا القيام بهذه الفريضة المباركة، في أجواء روحية، حيث لا رفث ولا فسوق، ولا جدال في الحج.
لقد جسدت هذه الشعيرة العظيمة معاني الأخوة الإسلامية، وأزالت الفوارق بين أبناء الدين الواحد، يقول تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?.
أيها الإخوة الأعزاء:
إن من أعظم الأمور وأحبها إلى القلب تأمل وفود الرحمن وهم يتنقلون بين المشاعر المقدسة، في صور إيمانية تجدد الأمل، بأن هذه الأمة لا تزال بخير، وأنها متمسكة بالنهج القويم، والوسطية والاعتدال، امتثالا لقوله تعالى: ?َكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا?.
أيها الإخوة الكرام:
لقد هيأت المملكة العربية السعودية بفضل الله عليها كل ما تستطيع لخدمة ضيوف الرحمن، وهي قادرة بما مكنها الله على تحقيق أمن الحجاج، وردع كل من تسول له نفسه المساس بعبادتهم وأمنهم.
أخيراً أوصيكم ونفسي باغتنام هذه الأيام المباركة، وتذكروا قول الحق تعالى: ?وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىِ?، والله أسأل أن يتقبل حجكم، ويغفر ذنبكم، ويعيدكم إلى أهلكم وبلادكم سالمين غانمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد ذلك صافح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين حضروا الحفل.
ثم تناول الجميع طعام الغداء على مائدة خادم الحرمين الشريفين.