Al Jazirah NewsPaper Sunday  29/11/2009 G Issue 13576
الأحد 12 ذو الحجة 1430   العدد  13576
هذرلوجيا
شاليط لهم.. (شلّوط) لنا
سليمان الفليح

 

يا إلهي. ها هو المرابي اليهودي العتيد (شيلوخ) ما غيره، والذي انطبعت صورته المقيتة في أذهاننا منذ الصغر، وقرأناه ممسرحاً في الكبر تحت عنوان (تاجر البندقية)، ها هو اليوم يعود إلينا بأذنيه الطويلتين وأنفه المعقوف وصوته الألخن، وهو يعتلي منصة في سوق المزاد الدولي لينادي بصوت لئيم:

على أونا

على دوه

على أتريس

يا بلاش.. يا بلاش.. تفرّج وشوف.

أعطني إسرائيلياً واحداً وأعطيك ألف عربي.

ثم يرفع الصوت بنذالة:

يا من عنده أو يعرف أي إسرائيلي مسجون مجنون في أي مكان في العالم نحن نستبدله فوراً بـ(1000) عربي معافى. مشافى. صاغ سليم. ثم يواصل معزوفة النذالة:

ألف عربي. بعضهم لديه خبرة في القتال

بعضهم من ذوي الملفات الثقيلة

بعضهم خطر

بعضهم محكوم عليه بالمؤبد في إسرائيل

ولكن كل ذلك لا يهم. من أجل إسرائيلي واحد.. يا بلاش.

يا بلاش.. قدّم لي إسرائيلياً وخذ كاش وفوراً ألف عربي. مين قال.

أنا في المزاد.

ثم يتقدم إلى شيلوخ رجل أوروبي سمين متهدل الأوداج ومندلق الكرش يهمس في أذنه بسؤال لم يسمعه جيداً الجمهور، ولكن شيلوخ يجأر بالميكرفون لا يهم. لا يهم. بإمكان (المشتري) أن يشحنهم إلى إيطاليا، إسبانيا، النرويج، إلى أي بلد أوروبي يريد شريطة أن لا تطأ أقدامهم أرض فلسطين، ولا يزعجوا ثانية إسرائيل بأصوات رصاصهم ولا يعكروا عيش المواطن الإسرائيلي بإطلاق مفردات قبل الجهاد، النضال، التحرير؛ فالمواطن الإسرائيلي لديه (فوبيا) من هذه الكلمات.

بالطبع، كل ما قلناه آنفاً عن شيلوخ ليس مسرحية جديدة له، ولا كذلك هو مشهد فنطازي يمثله على خشبة المسرح، بل هو حقيقة واقعة اليوم على مسرح حياتنا (التافهة)، ولكن بفارق جد بسيط ألا وهو أن البطل الجديد في هذه النسخة المطورة اسمه (شاليط) لا شيلوخ أو شيلوط.. لا فرق.

وشاليط -سلمكم الله- هو محض جندي -لا والله (مجند) إسرائيلي، صغير ضئيل وقع في يد منظمة حماس وقد أخذ حماس الحماس لأن تعتقد أنها قبضت على (شاروط - عفوا- شارون لا شاليط الجندي الإسرائيلي الأبله الضئيل. وقد دفعت حماس الثمن غالياً من أرواح الشهداء الفلسطينيين الأبرار، بل كادت أن تتسبب في محو غزة الظاهرة عن الوجود بسبب هذا ال(شاليط) التافه، وبالطبع بعد خسائر متوالية فادحة منيت بها فلسطين كافة ها هي حماس ترفع أعلام النصر ابتهاجاً لأن إسرائيل ساومتها على (شاليط) واحد مقابل ألف مقاتل فلسطيني يقبعون في السجون؛ أي أن المعادلة هي (مواطن إسرائيلي مقابل ألف عربي)..

وهذا يجسد تماماً مقولة الشاعر الراحل البردوني: (يا عم ما أرخص الإنسان في بلدي)، وذلك لأن إسرائيل أخذت (شاليط) واحد وأعطتنا (ألف شلوط) أو (شلّوت) وهو الركل على المؤخرة في اللهجة الفلسطينية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد