Al Jazirah NewsPaper Sunday  29/11/2009 G Issue 13576
الأحد 12 ذو الحجة 1430   العدد  13576

دفق قلم
خدمات الحجيج والملاحقة المتعبة
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

 

منذ أن بدأت وفود الحجيج تتوافد على المشاعر والبقاع الطاهرة، ونحن نتابع ما تنشره وسائل الإعلام المختلفة من أخبار وحكايات هذه الرحلة السنويّة المباركة التي تتوافد فيها هذه الجموع الغفيرة من كلّ فجّ عميق فنشعر بأننا أمام عمل كبير لا يقدره إلا من يعرف تفاصيل الاستعداد الكبير الذي يسبقه ويواكبه كل عام.

ظللت فترة من الزمن أقلِّب نظر المتأمّل المتابع في القنوات الفضائية المختلفة متابعاً أخبار حجاج بيت الله الوافدين من أنحاء العالم من جانب، ومن جانب آخر أتابع أخبار الخدمات الضخمة التي تقوم بها المملكة من أجل هذه المناسبة الدينية الكبيرة، فلفت نظري ذلك الجهد المبذول على مدار شهور السنة كلّها من أجل إتمام هذه الشعيرة على أكمل وجه، ووجدت أنّ ما يميّز هذه الجهود وتلك الخدمات أنّها حقائق تجري على الواقع وليست كلاماً مبالغاً فيه كما هو شأن كثيرٍ من الكلام الذي يقال في الإعلام.

خدمات الحج منوعة مكلفة متواصلة لأنها تتعلّق بجوانب متعددة منها ما هو أمني ومنها ما هو شرعي ومنها ما هو تنظيمي ومنها ما هو دعوي إرشادي، ويتوج ذلك الجانب الخيريّ المتمثّل في رعاية المحتاجين من حجاج بيت الله بتمكينهم من الحج من خلال استضافتهم على حساب خادم الحرمين أو غيره من المسؤولين ورجال الأعمال والمؤسسات والجمعيات الخيّرة، ومعنى ذلك أن هذه الخدمات لا تنقطع طوال العام فهي يصدق عليها قول الشاعر:

ما آب من سفر إلا ويدفعه

عزمٌ إلى سفرٍ بالرّغم يزمعه

فإذا انتهى موسم الحجّ لعامٍ من الأعوام تبعه عملٌ مباشر لتطوير الخدمات وسد الثغرات ومعالجة ما يظهر من مشكلات حتى لا تتكرر في الحج القادم وهكذا دواليك.

كنت في متابعتي أشاهد مقابلة مع أحد مسؤولي الأمن هنا، ومقابلة أخرى مع أحد مسؤولي المرور هناك ومقابلة مع أحد مسؤولي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وأخرى مع أحد مسؤولي وزارة الحجّ، ووزارة البلديّات ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئاسة الحرس الوطني، والديوان الملكي، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع والطيران وإلى غير ذلك من الجهات الحكوميّة، وفي كلّ مقابلةٍ أستمع إلى خططٍ تطويرية تثير الإعجاب، مؤكدة بصورٍ من الواقع.

أما الجهود الخيريّة التي تقوم بها المؤسسات الرسميّة وغير الرسميّة في بلادنا فهي مثيرة للإعجاب بحق لأنها تستضيف عشرات الآلاف من الحجّاج المحتاجين من داخل المملكة وخارجها، حيث تقوم برعايتهم منذ انطلاقهم من مواقعهم حتّى عودتهم إليها بعد أداء مناسك الحجّ: وهي رعايةٌ شاملةٌ للأمور الماليّة والإرشاديّة والصحيّة والدعويّة وتتم هذه الرعاية كما أعرف عن قرب - على أكمل وجه لأن من يقدّمها يريد بها الخير والحصول على الأجر فهو يحرص على أن تكون رعايته شاملة كاملة قدر ما يستطيع.

ظللت أتابعُ هذا الجانب في تلك الملاحقة والمتابعة الإعلاميّة التي كنت أقوم بها في ذلك الوقت القصير الذي توافر لدي فرأيت آلاف الحجّاج الذين استضيفوا من أنحاء العالم من أوروبا وأمريكا وإفريقيا وجنوب شرق آسيا ومن الصين وروسيا واليابان وبعض البلاد العربيّة، فهنا ألف أسرة من أسر شهداء غزّة يستضيفهم خادم الحرمين، وهناك آلاف أخرى من روسيا والصين والبوسنة والهرسك وتركستان وكوسوفا يستضيفهم الديوان الملكي وآلاف أخرى تستضيفها وزارة الشؤون الإسلاميّة وجمعيّات خيّرة وطنيّة لا مجال لحصرها هنا.

ألم أقل لكم إنّ ملاحقة خدمات الحجّ متعبةٌ تحتاج إلى وقتٍ طويل، نحمد الله الذي هيّأ لبلادنا المباركة أن تقوم بهذا الشرف العظيم ونسأله عز وجل أن يجزي الجزاء الأوفر كل محسن، وأن يحقق لهذه البلاد ما تصبو إليه من تطبيق أرقى وأسرع الخدمات لضيوف الرحمن في موسم الحجّ الأكبر وفي غيره من مواسم الخير التي لا تنقطع.

إشارة

كل عامٍ وعيدكم عيد خير.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد