الجزيرة - وليد العبد الهادي
موسم الأعياد أصاب الأسواق بحالة كسل، حيث أغلقت معظم الصفقات من قبل المضاربين، ولوحظ ذلك في المسارات الجانبية التي اكتسحت معظم الأسواق بما فيها العملات الرئيسة، لكن الين كسر حالة الملل حيث جنّ جنونه أمام الدولار بسبب أرقام الميزان التجاري وغرق الدولار وسط الأمواج اليابانية حيث كانت بضائع طوكيو شهود عيان، لكن الحزن جاء من الاقتصاد الملكي الذي يُعتبر الأسوأ تفاعلاً مع مواجهة الأزمة المالية ولا تزال القارة الأوروبية غارقة بالسيولة والتضخم يهددها من كل صوب! ولمزيد من التفصيل دعونا نحدّق بضع دقائق في أرقام هذا الأسبوع، لنعرف ماذا يدور خلف أهم العملات الأجنبية في العالم؟
الدولار الأمريكي
عانى الدولار الأمرّين.. الأول: عنف صفقات الشراء من الين.. والآخر: عدم توقفها في الذهب مما وضعه في موقف لا يحسد عليه على مستوى الحركة اليومية، ويظهر من مراقبة شهية المخاطرة في الأسواق أنها ملت عمليات جني الأرباح من ناحية وليست متحمسة للتصحيح مما وضع الأرقام في منطقة حيرة على المدى الأسبوعي، لكن حظي الاقتصاد الأمريكي ببيانات هامة، نبدأ بطلبات الإعانة للأسبوع الثالث من نوفمبر والتي وصلت إلى 466 ألفاً والرقم السابق كان عند 505 آلاف طلب حيث المزيد من التعافي لسوق العمل خصوصاً في القطاع الصناعي وعلى ذكر هذا القطاع ظهر مؤشر فيلادلفيا الصناعي في نوفمبر عند مستوى 16.7 بعد نتيجته السابقة عند 11.5 وقامت الحكومة بخفض الفائدة إلى الصفر لسندات الخزينة وهو عمل تاريخي أيضاً، أما البضائع المعمرة جاءت لتنخفض 0.6% في أكتوبر بعد ارتفاع سابق بنسبة 2% تظهر عزوفاً عن الشراء من قبل المستهلكين رغبة بالمزيد من الانخفاض، أما مبيعات المنازل القائمة لشهر أكتوبر فوصلت إلى 6.1 مليون حيث كانت 5.5 مليون والجديدة 430 ألفاً مقارنة بالرقم السابق 402 ألف منزل بسبب الدعم الحكومي لها.
أما الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام الحالي فوصل إلى 2.8% حيث تراجع نموه من 3.5% بسبب تدني الإنفاق الشخصي من الربع الثاني إلى الثالث لكن أداء الإنفاق الشخصي ارتفع 0.7% في أكتوبر أيضاً.. هناك عامل آخر خفَّض نمو الناتج المحلي ومهم وهو نمو الواردات 20.8%، ومع ارتفاع الدخل الشخصي الطفيف ونمو الإنفاق للفرد على المقياس الشهري وقرب موسم الأعياد ممكن أن يتألق قطاع التجزئة الأمريكي مع نهاية العام خصوصاً مع الأرقام المبشرة للمنتجين والمستهلكين ومبيعات التجزئة في الفترة الأخيرة كان آخرها وصول ثقة المستهلك في نوفمبر إلى مستوى 47 وننتظر ما سيحدث في أسهم شركات التجزئة حيث الأنظار تتجه هناك.. أما بشأن النفط فقد صدر التقرير الأسبوعي لوكالة الطاقة الأمريكية ليُظهر ارتفاعاً في مخزونات النفط الخام بقيمة مليون برميل مقارنة بالقراءة السابقة التي أظهرت انخفاض 0.9 مليون برميل مما أثَّر سلباً وبشكل طفيف على حركة خام (نايمكس) لكن تبقى ذات تأثير مؤقت كما هو معتاد عليه في أسواق النفط.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي
المؤسسات المالية تعبث باليورو أمام الدولار خصوصاً أن الزوج يقبع عند مستويات تاريخية صعبة تمتد من 1.49 إلى 1.53 وهو الآن يعود للتداول فوق خط الاتجاه الصاعد عند 1.51 ويبقى مستوى 1.45 تحت الأنظار بعد فترة الأعياد.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي
النمط السلوكي المحير لا يزال قائماً حيث تم اختبار مستوى 1.64 كما كان متوقعاً والأنظار الآن تتجه نحو مستوى 1.70 وهو بمثابة حاجز نفسي للمتاجرين.. لكن لا يتوقع من الزوج أي حركة ملفتة في ظل هذه الأجواء من حيث الأرقام أو من حيث موسم الأعياد فهي تمثل فترة استراحة للجميع.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني
الزوج يقترب من عكس الاتجاه من هابط إلى جانبي والدولار في وضع لا يُحسد عليه حيث تخلى عن دعومه التاريخية (88 - 89) أمام الين وسجل قاعاً جديداً يتخطى مستويات يناير الماضي عند 86.29 واختبار عمق المياه ما زال قائماً.
اليورو
منطقة اليورو كانت شحيحة في بياناتها الهامة نذكر منها أرقام الحساب الجاري التي جاءت بعجز مرتفع لشهر سبتمبر لتبلغ 5.4 مليار يورو مقارنة بالقراءة السابقة 1.3 مليار يورو بسبب ارتفاع حجم التمويلات داخل القارة حيث يُستثنى منه رؤوس الأموال تجلى ذلك من ارتفاع الطلب على اليورو.. لكن صادرات القارة ما زالت تعاني أمام الواردات على الرغم من نمو الصادرات 1.1%.. ويلاحظ أن القارة مشبعة بالنقد الداخل والتضخم أكثر ما يهدد دول الاقتصاد الأوروبي، والحديث يطول حول عمليات تسييل الأصول والتوجه إلى اقتصاديات ناشئة وفقاً لأرقام صندوق النقد.
الجنيه الإسترليني
الاقتصاد الملكي لا يزال الأسوأ من بين الاقتصاديات العالمية والأكثر تأخراً خصوصاً بالأرقام التي تخص القطاع الحكومي حيث أظهرت الأرقام أن الانكماش تقلص بشكل طفيف للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث إلى 0.3% مقارنة بالنتيجة السابقة المنكمشة 0.4% والطريق طويل جداً على المقياس السنوي والسبب يعود إلى ضعف الدعم الحكومي في برنامج شراء الأصول ولا يزال الجدل قائماً بشأن سقف خطط الإنقاذ بالإضافة إلى تدني معدلات الصادرات في البلاد.
من جهة أخرى أظهر صافي القروض العامة في أكتوبر عجزاً بـ11.4 مليار جنيه إسترليني حيث تراجع من القراءة السابقة 14.9 مليار جنيه لكن إيرادات الحكومة تحسنت في هذا الشهر على الرغم من ارتفاع الإنفاق الحكومي 10.3% دليل تألق السياسات المالية على النقدية هناك.. لكن هذا التحسن كان مخفياً بسبب تقليص عجز الناتج المحلي بسبب سياسة شد الأحزمة أي أن كفاءة ونجاعة خطط الإنقاذ لم تكن فعالة بشكل كبير وهناك توقعات ربما تأتي بشكل مفاجئ برفع سقف دعم برنامج شراء الأصول إلى 210 مليار جنيه ومع ذلك كله نجد أن العملة الملكية لا تتفاعل كما هو الحال في العملة الموحدة.