المشاعر المقدسة - عبيد الله الحازمي / تصوير - سليمان وهيب:
شكا مدير إدارة المسالخ في أمانة العاصمة المقدسة الدكتور سعود الحتيرشي من بعض المعتقدات الدينية والمذهبية لبعض الحجاج خصوصا الإندونيسيين في قضايا الذبح من بداية شهر ذي القعدة حتى أواخر شهر محرم اعتقادا منهم بأن ذبح الأغنام يعتبر قربانا لله.
وبين أن بعض الحجاج يقومون بممارسة هذا الفعل قبل الحج او بعده بقصد المسلخ حيث يتلقفهم بعض الجزارين ويوهمونهم بأنهم سيساعدونهم بهذا الفعل من خلال دفعهم لثلث المبلغ بينما يقوم الحاج الإندونيسي بدفع ثلثي المبلغ وبعد الانتهاء من ذلك يترك الحجاج هذه الأغنام مذبوحة على الأرض للجزارين ظنا منهم بأنهم سيوصلونها للفقراء والمحتاجين ومن ثم يقوم الجزارون ببيع هذه الأغنام.
ولفت إلى أن هذه الافعال مخالفة للشرع وفي نفس الوقت فإنها تسبب إرباكا للمسلخ حيث لا يتقيد الجزارون بالتعليمات ويتركون هذه الذبائح على الأرض نتيجة للعدد الضخم الذي يقومون بذبحه والذي يصل يوميا إلى ثلاثة آلاف رأس من الغنم وهو يخص هؤلاء الحجاج، مؤكدا أن هذه الأغنام لا تذهب إلى الجهات الخيرية وبالتالي يتعرض الحجاج إلى عملية نصب واحتيال من قبل بعض الجزارين.
وطالب رؤساء بعثات الحجاج بضرورة توعية حجاجهم ببطلان مثل هذه المعتقدات من جهة ومحاولة تنظيم مثل هذه الصدقات التي يقدمونها في حال إصرارهم على ذلك حتى لا يتعرضوا للنصب والاحتيال موضحا ان الامانة قامت بوضع لوحات إرشادية تفيد بتعهد إدارة المسلخ بإيصال الذبائح إلى المستودع الخيري الذي يملك ثلاجة خاصة في المسلخ لصرفها للفقراء والمساكين في مكة المكرمة.
جهود الأمانة
ولفت الحتيرشي إلى أن هناك جهودا كبيرة تقوم بها إدارة المسالخ من اهمها تشديد الرقابة على عمليات الذبح حيث تم إضافة حوالي 50 مراقبا في منطقة المسالخ بالكعكية في مكة المكرمة للعمل على فترات مشيرا إلى ان الرقابة تشتد في فترة الذروة بعد صلاة المغرب.
وأوضح الحتيرشي أن هناك أربعة دكاترة بيطريين يقومون بالإشراف العام على خمسة عشر طبيبا بيطريا يقومون بعملية فحص الاغنام بعد ذبحها وسلخها للتأكد من صلاحيتها قبل توزيعها على الجمعيات الخيرية أو بيعها أو خلافه.
ولفت الحتيرشي إلى أن الامانة شددت في عملية منع الذبح خارج المسلخ حيت تقوم البلدية الفرعية في منطقة الشوقية بوضع مراقبة شديدة على منطقة المسلخ بوجود حوالي 20 مراقبا وخمس سيارات يعملون على مدار الساعة لضبط أي عملية ذبح تحصل خارج المسلخ. وبين الحتيرشي بعض الإضافات الجديدة في مسلخ الكعكية لمواكبة موسم حج هذا العام ومنها إضافة أربع مسارات في المسلخ لإجبار الجزارين على الذبح ادخل المنحر، وليس في ممرات المسلخ وإضافة ثمانية رشاشات مائية للتهوية وتلطيف الاجواء، وكشف الدكتور سعود عن افتتاح صالة للطوارئ مخصصة لذبح الأبقار والجمال بحيث تستوعب300 رأس في الساعة.
إجراءات مشددة
وأفاد بأن الأمانة شددت على متعهد المسلخ فيما يتعلق بالعاملين في المسلخ من جزارين بسلامتهم وحملهم لإقامة نظامية وشهادات صحية تخبر بخلوهم من أي مرض معدي أو فيروسي، موضحا أن الأمانة غرمت المتعهد أكثر من مرة لمخالفته للنظام فيما يخص العاملين في المسلخ مؤكدا ان الأمانة لا تتهاون ابدا في هذا الجانب.
ولفت الحتيرشي إلى أن إدارة المسلخ تسعين بالشرطة في حالة وجود أي مخالفات، كما أن هناك قوة خاصة من المجاهدين تساهم في موسم الحج لمنع حدوث أي مخالفات نظامية.
وعد الحتيرشي عدد من العقبات التي تواجهم خلال موسم حج ومنها عدم توجه عدد من الحجاج لمجازر البنك الإسلامي عند رغبتهم بذبح الأضاحي و(الفدو) لاستكمال النسك، وعدم مواكبة الطاقة الاستيعابية لصالات الذبح في مسالخ الأمانة لحجم وأعداد المذبوحات المتزايد، إضافة لانتشار ظاهرة الذبح العشوائي خارج المسالخ وما يترتب عليه من أعباء لأعمال النظافة والمكافحة والرش للحشرات بجانب ما تشكله هذه الظاهرة من مشكلة يصعب السيطرة عليها وخاصة في حالة اكتشاف أي حالة مرضية وبائية أو معدية، وسوء استخدام المذبوحات الناتجة عن الطرق آنفة الذكر وتسربها إلى المطابخ والمطاعم في العاصمة المقدسة وخارجها وعدم وصولها لمستحقيها من الفقراء والمساكين بطرق صحية وسليمة، إضافة لعدم وجود نقاط ذبح في مكة المكرمة تستوعب الأعداد المتزايدة من المذبوحات.
وطالب الحتيرشي بضروة التنسيق مع رؤساء البعثات لايجاد آلية يمكن من خلالها توفير المواشي للحجاج عن طريق متعهد يتم الاتفاق معه لجلبها إلى أي مسلخ معتمد (حتى لا يتم اللجوء للسماسرة) ويتم بالمسلخ ذبح المواشي بحضور الحجاج ليروا عملية الذبح ويخيرون بين اخذ المذبوحات او تركها ليتولى مندوب الجمعية الخيرية مباشرة توزيعها لفقراء ومساكين الحرم.
نص شرعي
من جانبه علق عضو هيئة كبار العلماء عضو المجلس القضاء الأعلى الدكتور علي عباس الحكمي على قضية تصرفات الحجاج الإندونيسيين بقوله: (هذا الفعل لم يرد به نص شرعي ولم نسمع بع من قبل)، مبينا أن المعروف هو الهدي الذي يذبحه ويقدمه الحاج عندما يكون متمتعا او قارنا وهو أمر مطلوب أن يقدمه تقربا لله صدقة على الفقراء، موضحا ان للهدي وقت معين وهو بعد رمي الجمار والتحلل بشكل كامل (ولاتحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله).
وأضاف الحكمي: من أراد أن يقدم هدي التطوع فلا شيء عليه شريطة ان يقدمه يوم العيد أو ما يعرف يوم النحر، أما قبل ذلك فلا يشرع له ان يقدم الهدي.
ورأى الحكمي أن الطريقة التي يمارسها الجزارون مع الحجاج خداع وغش لا يجوز شرعا ويجب ان يأخذ على يد من يقوم بمثل هذه الأعمال، مشددا على ضرورة أن يوكل في هذه العملية من يكون مؤمنا صادقا أما هذه الحيل فإنها محرمة شرعا.
برامج توعية
من جانب آخر، رحب رئيس المؤسسة الأهلية لحجاج جنوب شرق آسيا المطوف زهير سدايو بالتعاون مع الأمانة لحل هذه الإشكالية، مبينا أن المؤسسة تبذل جهودا كبيرة لتوعية حجاجها بضرورة التعامل مع البنك الإسلامي في حال تقديم هدي الحج، موضحا أن هناك لقاءات عقدت في هذا المجال.
مؤكدا ان المؤسسة ستقوم بعمل برامج توعية خاصة لمواجهة مثل هذه المعتقدات الخاطئة وبيان ما يحصل للحجاج من خديعة وغش من قبل الجزارين، وقدم شكره للأمانة لاهتمامها بمثل هذه الامور والتي تعود بالنفع على الحجاج وتحميهم من الخديعة.
واعتبر مستشار وزير الشؤون الإسلامية لشؤون الحج والعمرة والزيارة الشيخ طلال العقيل أن هذا الموضوع نوع من الاحتيال على ضيوف الرحمن؛ مبينا ان هذا العمل منبوذ من الناحية الشرعية، وكذا من الناحية الأخلاقية وهو سلوك غير حضاري وسرقة أموال المسلمين بالباطل وتلاعب بعقول وقلوب الحجاج الذين يقدمون هذه الذبائح صدقة لوجه الله سبحانه وتعالى يرجون الثواب والمغفرة.
وأضاف العقيل: وللأسف فإنهم يقعون فريسة لمثل هؤلاء النصابين الذين يجب على كل من يتعرف عليهم الإبلاغ عنهم فورا وعدم إهمال تصرفاتهم حتى يعاقبوا ويكونوا عبرة لغيرهم من أصحاب القلوب الضعيفة والنفوس البريئة.