يعتبر (ناصر الوحيشي) القائد الحالي لفرع تنظيم القاعدة في اليمن، بعد أن فرّ من سجن الأمن السياسي بصنعاء. حيث أعلن في صيف (2007م)، عن عودة تنظيم فرع القاعدة إلى اليمن، بعد دمجه بالفرع السعودي لتشكيل منظمة إقليمية
موحّدة في شبه الجزيرة العربية، وتصعيد العمليات الإرهابية انطلاقاً من اليمن إلى داخل الأراضي السعودية، واستنزاف الدولة من خلال تشكيل سرايا تترصّد أهدافاً في مختلف أنحاء البلاد. ولذا لم نستغرب محاولة التسلل الأخيرة، حينما أتى الاعتداء الانتحاري الذي استهدف مسئولاً سعودياً كبيراً من الجنوب. وهو ما جعل رئيس المخابرات الوطنية الأمريكية يقول: (إنّ اليمن أخذ يعود إلى الظهور بوصفه ساحة جهادية، وقاعدة إقليمية محتملة لعمليات القاعدة).
فرع تنظيم القاعدة في اليمن مر بمرحلتين مهمتين في تاريخه، - لاسيما - بعد الإخفاقات الكبيرة التي مني بها التنظيم في منطقة القبائل على الحدود - الباكستانية الأفغانية -، فالمرحلة الأولى : من تشرين الأول (أكتوبر) 2000م، إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 م. والمرحلة الثانية: بدأت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 م، وحتى هذه اللحظة. هذه المرحلة الجيوبوليتكية للتعبئة الأيدلوجية والحشد العقائدي، أفضل من عبّر عنها، هو عمر عبد الحكيم، المعروف ب(أبي مصعب السوري)، واحد من أهم منظري التيار، والمعتقل في باكستان حالياً. فقد كتب في عام (1999م) مؤلفاً صغيراً، بعنوان: (مسؤولية أهل اليمن تجاه مقدسات المسلمين وثرواتهم)، أبرز فيه تلك الرؤية، فأشار إلى أنّ العامل الديمغرافي في اليمن، والمرتبط بالشكيمة اليمنية والفقر في آن معاً، إضافة إلى العامل الجغرافي المرتبط بما تتميز به اليمن من طبيعة جبلية حصينة، تجعل منها القلعة الطبيعية المنيعة لكافة أهل الجزيرة، بل لكافة الشرق الأوسط. فهي المعقل الذي يمكن أن يأوي إليه أهلها ومجاهدوها.
يبدو مريحاً لفرع تنظيم القاعدة انشغال السلطات اليمنية في أحداث صعدة، وفي الأحداث التي شهدتها بعض المناطق الجنوبية في اليمن، ووجود القراصنة الصوماليين الذين يهددون شواطئ اليمن. إضافة إلى اقتصاد شديد الاعتماد على موارد نفطية ناضبة، وأزمة مياه محدقة، فهذه العوامل أعطت فرع تنظيم القاعدة فرصة للعمل على إعادة ترتيب صفوفهم، وبناء خلاياهم، وإعداد مخططاتهم الإرهابية، والتزوّد بوسائل الدعم والإسناد المختلفة لأنشطتها، والقيام ببعض العمليات الإرهابية.
بؤر الاقتتال والصراع في بعض البلاد العربية أصبحت ملاذا لعناصر القاعدة، بعد أن تحوّلت إلى لوحات عبثية عصية على الفهم. مما يؤكد على أنّ دعم اليمن واجب في هذه المرحلة بالذات، - خاصة - وهو يواجه تحديات جمة للقضاء على المحنة التي يعيشها. فالخطر لن يخص اليمن وحده، أو يصيبها في مقتل فقط، وهو ما عبّر عنه - سمو الأمير نايف -، بمحتوى التحذير: (من أنّ بلاده تتعاون مع اليمن من دون تحفظ). ومثله تصريح - سمو الأمير سعود الفيصل -، حين قال: (إن بلاده مع اليمن في كل الطرق).
drsasq@gmail.com